بحث داخل المدونة

الجمعة، 12 يوليو 2013

مفسدات الصيام

-->
 الأكل والشرب: وما كان بمعناهما، من مقوٍّ، أو مغذٍّ، إذا وصل إلى الجوف، من أي طريق كان، سواء الفم والأنف أو الوريد، أو غير ذلك. وكان عن قصد واختيار فإنه يفطر به الصائم، لقوله تعالى:

{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187]. ولقوله صلى الله عليه وسلم مخبراً عن ربه أنه قال في الصائم: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي». فالصيام ترك هذه الأمور، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فمن تناول شيئاً منها أثناء النهار قاصداً مختاراً لم يكن صائماً.

 - الجماع: فإنه مفسد للصيام بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ..} إلى قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] . فدلت الآية على حل التمتع بهذه الأمور، حتى طلوع الفجر، ثم يصام عنها إلى الليل. فإذا جامع في نهار رمضان، فسد صومه وصار مفطراً بذلك، ووجب عليه قضاء ذلك اليوم والكفارة باتفاق أهل العلم، لانتهاكه حرمة الصوم في شهر الصوم. والكفارة هي:

 ‌أ- عتق رقبة مؤمنة. ‌
ب- فإن لم يجدها فصيام شهرين متتابعين.
 ‌ج- فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مـدّ من طعام، وهو ربع صاع مما يجزئ في الفطر، لما في الصحيح من قصة الرجل الذي جاء إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت وأهلكت، فقال: مالك؟، قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: هل تجد رقبة تعتقها؟، قال:لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟، قال: لا، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟، قال: لا،... قال : فمكَث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم . فبينا نحن على ذلك أُتِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَرَقٍ فيه تمرٌ، والعَرَقُ المِكتَلُ، قال : أين السائلُ . فقال : أنا . قال : خُذْ هذا فتصدَّقْ به . فقال الرجلُ : أعلى أفقرَ مني يا رسولَ اللهِ ؟ . فواللهِ ما بين لابَتَيها، يُريدُ الحَرَّتينِ، أهلُ بيتٍ أفقرُ من أهلِ بيتي . فضَحِك النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى بدَتْ أنيابُه ثم قال : أطعِمْه أهلَك .
 الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1936
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

 وفي الحديث، أن الوطء في نهار رمضان من الصائم كبيرة من كبائر الذنوب، وفاحشة من الفواحش المهلكات، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- أقر الرجل على قوله: "هلكت"، ولو لم يكن كذلك لهون عليه الأمر.

- إنزال المني في اليقظة: إذا أنزل الصائم بمباشرة، أو تقبيل، أو بالاستمناء- وهي ما تسمى بالعادة السرية أو جلد عميرة- ونحو ذلك، فإنه يفسد صومه به وعليه القضاء؛ لأنه غاية ما يراد من الجماع وقد فعله عن عمد واختيار.

- القـيء عمداً: وهو إخراج ما في المعدة من الطعام والشراب عمداً، فعليه القضاء ويفطر بذلك، لحديث: «من استقاء فعليه القضاء». ثم اعلم أن من معاني الصيام بالإضافة إلى ما تقدم الامتناع عن المحرمات كالغيبة والكذب وفحش القول وغيرها. فإنه لا يتم التقرب إلى الله- تعالى- بترك هذه الشهوات المباحة في غير الصيام (الطعام والشراب والجماع) على الكمال إلا بترك ما حرم الله- تعالى- في كل حال، فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» [رواه البخاري]، وليس من معنى الحديث الإذن لمن يقول الزور بالأكل والشرب وإنما معناه تحذير الصائم من قول الزور والعمل به وتخويفه من أن يحبط أجر صومه فلا يُثاب على صومه بسبب الكذب والفحش وسوء الخلق ونحوها، وإن كان صومه مجزئاً عند أكثر العلماء بحيث لا يؤمر بإعادة الصوم إن وقع في أثنائه شيء من المحرمات.
-->