أسرار وآلام لا تنتهي في حياة الفنانة الراحلة سعاد حسني يكشفها ملخص مذكراتها الذي دون في «25» صفحة تحكي فيه قصة تجنيدها علي يد الضابط صفوت الشريف وكيف جري استدراجها حتي وجدت نفسها أمام صلاح نصر الذي أجبرها علي العمل لحسابه والذي حاولت أن تهرب منه حتي نجح عبدالحليم حافظ في مقابلة جمال عبدالناصر وأخبره بما تعرضت له السندريللا كما تضمنت مذكرات سعاد حسني العديد من الأسرار.
والمفاجآت التي كانت موضع تحقيق وبحث من أفراد جهاز الشرطة البريطانية «سكوتدلانديارد» الذي يثبت من أول ورقة في ملف التحقيق أن سعاد قتلت ولم تنتحر وأن المذكرات كانت الدافع الرئيسي وراء اغتيالها
|
صفوت الشريف |
ومن واقع تلك المذكرات ننشر ما تضمنته في ملخصها حيث نجد فصلاً جديداً بعنوان: "مندوبة مصرية باسم علم العروبة" ربما هو أهم فصل في المذكرات حكت فيه أنها لم توافق علي العمل لحساب "صفوت الشريف" أو "صلاح نصر" إلا مضطرة بعد أن دبروا لها مؤامرة دنيئة انتهت بأن أقنعوها بأنها ستعمل لأجل مصر.
وتقسم سعاد أنها لم تحصل علي مليم واحد أو هدية أو حتي ميزة فنية مقابل ما قامت به.
وفي البداية يجب أن نتذكر أن سعاد حسني تم تجنيدها وكانت فتاة صغيرة بلا خبرة تبلغ من العمر 20 عاما تعشق بلادها والحياة.. أقنعها "صلاح نصر" في نصف حواره معها بعد أن قهرها نفسياً بأنها ستخدم مصر بما ستقوم به من تضحيات وفي النصف الآخر من الحوار تهديد بأنها ستفقد اسمها وتاريخها وسمعتها للأبد لو رفضت طلباتهم فانهارت ووافقت دون شروط.
|
صلاح نصر |
وتروي سعاد في المذكرات القصة الحقيقية لتجنيدها بواسطة صفوت الشريف وتحكي أنها كانت في حفل خاصة بصحبة صديق عربي فرنسي كانت تعتبره صديقًا لها اكتشفت بعدها أنه ضابط انتحل شخصية أجنبي كان مجندًا من قبل صفوت الشريف لاستدراجها إلي عيادة الدكتور "عبد الحميد الطويل" الذي كان زوجاً للفنانة "مريم فخر الدين" لتصويرها هناك أول مرة حيث أعدوا قبلها العيادة لهذا الغرض.
في نهاية الحفل كانت معها فنانة ذكرت سعاد أن اسمها "ليلي حمدي" أكدت أنها كانت واحدة من شبكة موافي أو (صفوت الشريف) كان من المفروض كما اتفقتا أن توصلها للمنزل عقب الحفل لكنها اعتذرت لسعاد التي لم تجد بدا سوي الركوب مع صديقها العربي الفرنسي "ممدوح كامل" وكان الوقت متأخرا مساء، وفي المذكرات تكشف سعاد أنها علمت بعدها أن ليلي حمدي قدمت لها أثناء الحفل مشروباً وضعت لها فيه مخدر.
في الطريق طلب منها صديقها ممدوح أن يمر علي عيادة الطبيب المذكور لأنهما صديقان ويريد أن يأخذ منه هدية ما سيوصلها بعدها لصديق ثالث مشترك بينهما يعيش بباريس التي كان من المفترض أن ممدوح كما حكي لها سيطير إليها ثاني يوم.
تذكر سعاد أن الوقت كان متأخرا وخافت أن تبقي في السيارة وحدها خاصة أنها كانت تشعر بالنعاس بدأ يهاجمها بقوة فصعدت معه وتقول: "لقد فقدت الوعي تقريبًا ونحن في الأسانسير وعندما أفقت وجدت الغرفة مليئة برجال أعلنوا لي أنهم من جهاز أمني وأنني كنت في الفراش مع جاسوس فرنسي عمل ضد مصر وعبد الناصر ولم أجد ممدوح فانهارت الدنيا من حولي" .
بعدها كما تحكي اصطحبوها بالملاءة دون ملابس ووجدت نفسها أول مرة وجهًا لوجه مع الرائد "موافي" وهو لقب صفوت الشريف الحركي وفي مكتبه وهي تقف مرتعدة تبحث علي ما تستر به جسدها من عيون من حولها، انضم إليهما في الغرفة شخصان الأول يدعي "محرم" وتقول: "عرفت أيضًا بعدها أن اسمه الحقيقي كان "جمال عباس" وكان هو رئيس الرائد موافي المباشر في العمل أما الشخص الثالث فقد كان يدعي "حماد" وكان في نفس رتبة موافي وعلمت في التحقيقات بعدها أن اسمه الحقيقي كان "حمدي الشيخ" وتقول: كنتمنهارة وأمامي شريط سينمائي لتدمير سمعتي وكانوا قد طلبوا أمامي بالتليفون حضور صحفيين كبار ومصورين أعرفهم من عدد من الصحف القومية من أجل تسجيل السبق الصحفي وأخذ صورا لي وأنا علي تلك الحالة فترجيتهم أن يقتلوني .. فأعلنوا لي أن هناك طريقة واحدة يمكنهم بها مساعدتي لغلق المحضر الذي كان قد كتب أمامي بالفعل وعندها أخبروني بالمطلوب مني وقبل أن أرفض أو أوافق عرضوا أمامي شريطاً سينمائياً لفيلم صور بكاميرا 35 مم يصورني وأنا في علاقة حميمية تلك الليلة مع ممدوح صديقي العربي الفرنسي الذي اختفي منذ ذلك اليوم للأبد".
بعدما ذهلت من الفيلم وفكرت في العواقب التي ستحدث لها لو سربوه حال رفضها أكدوا لها أن الفيلم لن يراه مخلوق غيرهم مادامت متعاونة ولكي تطمئن نفسيا حيث كانت في صدمة رهيبة شعروا بها جميعا عرضوا عليها فيلما آخر مدته حوالي 7 دقائق لمشاهد حميمية مشابهة لفيلمها لأربع فنانات مصريات كن كما قالت في الفصل ملء السمع والبصر حتي أن شهرتهن كما ذكرت كانت وقتها أعلي منها بكثير وذكرت إحداهن بالاسم "ليلي فخر الدين".
|
عبد الحليم يقابل عبد الناصر |
سعاد ذكرت أيضا أنهم هددوها بالقتل لو كشفت عن العملية ووعدوها بأنها سوف تحصل علي مكافآت مالية كبري فصرخت فيهم: "انتم فاكرني إيه بالضبط" وصفعت موافي بالقلم حيث كان الأقرب إليها.
في المذكرات تذكر سعاد أنها استدعيت في فبراير عام 1968 سرا مع فنانات كثرهن شبكة صلاح نصر ومحرم وموافي وحماد للشهادة في قضية "صلاح نصر" ويومها سألت عن المبالغ التي تحصلت عليها منهم فأقسمت للمحققين أنها لم تحصل علي مليم واحد فضحكوا لأنهم عرفوا أن توقيعها علي فواتير الصرف الخاصة بالمكافآت كان مزورا خاصة أن خطها كان سيئاً للغاية ومن وقع خطه جميل وعرف المحققون أن صفوت ومحرم وحماد كانوا يسرقون المكافآت مناصفة.
وإذا عدنا لقصة تجنيدها تحكي سعاد في مذكراتها أنها كانت منهارة ولم تجد أمامها حلا سوي الموافقة علي كل طلباتهم وأنهم عقب موافقتها وتوقيعها وتعهدها بحفظ السرية وإلا تقديمها للمحاكمة أخذوها لتقابل رئيسهم "صلاح نصر" الذي ذكرت أن اسمه في تلك الفترة كان يساوي الرعب بعينه لكنه رحب بها ووعدها بكتمان الأمر تماما وأكد لها أنها ستؤدي مهمة وطنية لمصر ولم يخف تهديده الشخصي لها إذا رفضت فاضطرت أن تنفذ معهم 4 عمليات خلال الفترة من ديسمبر 1963 حتي مايو 1964 وذلك خلال التنقل بين شقة خاصة بشارع الميرغني بمصر الجديدة وفيللا في حي ميامي بالإسكندرية وأخري بمنطقة الأوبرج بالهرم.
وفي المذكرات تحكي سعاد أن الأفلام كانت مصورة بكاميرات 35 مم وأخري صوروها بكاميرا 8 مم وقد قطعوا الأفلام إلي 16 فيلما كانت هي حصيلة ما هددوها بفضحه لو كشفتهم لأي جهة مصرية.
وتقول سعاد إنها بعد أن أفاقت من الصدمة التي سيطرت عليها طويلا بدأت تتهرب منهم بالعمل والإنشغال في التصوير لكنهم ظلوا يطاردونها حتي إبريل عام 1967 عندما نجح عبدالحليم حافظ" في التوصل للقاء سري جمعه بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر حكي فيه حليم لجمال ما كان يحدث.
وكشفت سعاد في حكايتها أن "ليلي حمدي" كانت بمثابة الطعم الذي كان يلقي لكل فنانات مصر ساعتها لتجنيدهم وأن صفوت الشريف وصلاح نصر قد حاولا تجنيد الفنانة "برلنتي عبد الحميد" في مايو 1967 بنفس الوسيلة التي تمت مع سعاد حسني وعن طريق نفس الشخص الذي مثل علي سعاد أنه عربي فرنسي .
واتضح في التحقيقات بعدها، كما تقول سعاد، أن اسمه يدعي "ممدوح كامل" وكان يعمل مترجما للغة الفرنسية بالجهاز الأمني الذي يعمل به صفوت لكن برلنتي نجت من الفخ بعد أن دعت أختها فجأة دون معرفة ممدوح للقاء الذي كان من المفترض أن يخدروا فيه برلنتي فلم تنجح خطة صفوت في السيطرة علي برلنتي ولم يفلحوا في تصويرها سوي صورة لا تصلح أن تكون أداة سيطرة خاصة أن برلنتي، كما تذكر سعاد، كانت جريئة للغاية ولم تكن لتهتم بأي صورة مهما كانت.
معلومة للتاريخ سجلتها سعاد حيث أكدت أن صلاح نصر كان يكره المشير "عبد الحكيم عامر" وكان يريد تدمير سمعته أمام الرئيس عبد الناصر ليحتل مكانته خاصة أن ناصر كان مستاء للغاية من زواج المشير ببرلنتي وتؤكد أن الصورة الوحيدة التي أخذوها لبرلنتي حرقها جمال مع كل أفلام سعاد وأفلام العملية كلها بعد ذلك كما وعد عبد الحليم حافظ وتقول: "جمال عندما وجد صورة برلنتي حزن للغاية وشعر بالمؤامرة التي كانت تحاك للمشير عامر، وقالت لو كان عبد الحكيم الذي انتحر في 14 سبتمبر 1967 طال به العمر لقتل صفوت الشريف ومن معه لأن برلنتي كانت زوجته في هذا الوقت".
سعاد كشفت أيضا أنهم ضمن وسائل ترهيبها للعودة للعمل معهم أطلقوا في أوائل عام 1966 إشاعة علي "نجاة الصغيرة" أخت سعاد أنها علي علاقة غير شرعية بصلاح نصر وأنهم في عام 1967 عادوا وأطلقوا نفس الإشاعة لكن هذه المرة زعموا أن سعاد هي التي علي علاقة غير شرعية مع صلاح نصر وأنهم أرادوا بكل تلك الإشاعات إعادتها للعمل لكنهم بعد أن علموا بلقاء الرئيس عبد الناصر مع عبد الحليم وأن عبدالحليم قد حكي كل شيء لعبدالناصر أصدروا علي الورق قراراً بقطع علاقتهم بها ظاهريا لكن صفوت ظل يتذكر لها دخوله السجن وتدمير حياته المهنية وراح يهددها طيلة حياتها بتدمير سمعتها عن طريق بيع أفلامها لكنها كتبت تقول: "كنت متعجبة ولا أعلم لمن كانت المصلحة هذه المرة".