بحث داخل المدونة

الجمعة، 23 ديسمبر 2011

طريقة عمل عصير الدوم .. المقادير والتحضير



عصير الدوم مفيد جدا خاصة لزوي الضغط العالى ولهذا الغرض يُشرب منه كوب أو أكثر باليوم وكل يوم بلإضافة إلى أن طعمه لذيذ وممكن يُشرب دافىء أو بارد .

المقادير
4\1 كيلو دوم مكسر
8 أكواب ماء
كوب من السكر تقريبا 

الطريقة
ينقع الدوم في الماء لمدة 6 ساعات أو أكثر ويقلب من وقت لأخر ولو كان الجو حار يفضل بعد ساعة وضعه في الثلاجة 

ثم يوضع على النار ليسخن فقط ولا نتركه يغلي لأن طعمه يصبح مر وهذه الخطوة لمجرد التعقيم .. نطفي النار ونحليه بالسكر وكمية السكر متروكة لذوق ورغبة كل شخص 

ونتركه إلى أن يبرد ثم نصفيه بمصفاة ضيقة الثقوب - وتفل الدوم غير ضار ويمكن تناوله لأن الدوم أصلا يؤكل بمعني أن لو العصير كان غير رائق فهذا لا يعني أنه يجب تصفيته مرة أخرى  
ويحتفظ به في الثلاجة ويفضل إستخدامه في أقرب وقت يعني لازم يكون طازج دائما لأنه سريع التلف 

بالهناء والشفاء على قلوبكم

المصدر:شموع أنثي من
         من egr7y.com

احدث فساتين زفاف مع الطرحه المميزه موضه 2012.2013







نظارات نسائيه ماركه موضه 2012،2013








تسريحات للشعر الطويل موضه 2012








احدث تصمبمات رامى سلمون لفساتين سهره 2012.2013






الخميس، 22 ديسمبر 2011

الكركم علاج فعال لعسر الهضم و والأكزيما




تعتبر الكركم مادة قد تدخل مستقبلا في تحضير الكثير من العقاقير الطبية وهي تستخدم اليوم لازالة التخمة ومعاجلة مشاكل في الجهاز الهضمي.

الصيدلانية الالمانية والمهتمة بالاعشاب والمستحضرات الطبية التي تعتمد في صناعتها على المواد المستوردة من الشرقين الاقصى والادني اريكا مولر من كولونيا لا تترك فرصة الا وتحاول اكتشاف أهمية الاعشاب بالنسبة للصحة وعلاج بعض الحالات، وتعتبر الكركم مادة قد تدخل مستقبلا في تحضير الكثير من العقاقير الطبية، وهي تستخدم اليوم لازالة التخمة ومعاجلة مشاكل في الجهاز الهضمي، إضافة الى بعض الامراض الجلدية. كما تستخدم صبغة الكركم في صنع الورق الذي يستعمل في الكشف عن حامض البوريك في التحليلات المخبرية.

ولقد انتشرت في السنوات الماضية استخدامات الكركم في العديد من البلدان الغربية، أيضا في المانيا التي تستورد سنوات كميات كبيرة من بلدان المنشأ مثل الهند وتايلندا واندونيسيا وماليزيا، ويستخدم على نطاق واسع في صناعة المواد الغذائية. واضافة الى استخدامه في بعض العقاقير الطبية الشعبية، يستخدم مسحوق الكركم في اوروبا بكميات كبيرة في تحضير المعجنات والصلصات، بالاضافة الى استخدامه كمادة صباغية للمنسوجات، وبدأ استعماله كمادة ملونة لبعض المأكولات والحلوى، ونشهد اليوم دعايات تلفزيونية تتحدث عن حلويات تنتجها هذه الشركة او تلك مضاف اليها مسحوق الكركم الذي يزيد من طعمها لذة.

وتقول الصيدلانية مولر التي تعرف تاريخ الكركم جيدا ان الهنود اول من أولى الكركم الدراسة البحثية لان هذا النبات احد اهم النباتات الاقتصادية في الهند، فقد بدأوا بدراسته في السبعينات، حيث اثبتوا فوائده المستخدمة في الطب الشعبي إضافة الى تأثيره على الجهاز الهضمي والكبد والصفراء. 

وفي بداية الثمانينات وحتى مطلع التسعينات اجريت عدة بحوث علمية على تأثير الكركم على مرض الروماتيزم، وقارن العلماء الهنود تأثيره بتأثير الهيدروكورتيزون، فثبت ان تأثير الكركم كان اقوى من تأثير الهيدروكورتيزون كعلاج للروماتيزم، كما وضعت دراسة خاصة عن تأثير مركب الكوركومين( المركب الرئيسي من الكركم) على انواع من الميكروبات واثبتت ان الكوركومين يعد من أقوى المواد المضادرة للميكروبات، وان له تأثير قوي كمادة مضادرة للاكسدة اكثر من فيتامين E.

وقام الصينيون باجراء دراسة اكلينيكية على معدل الكولسترول في الدم وكذلك على تختر الدم، وتوصلوا الى ان الكوركومين يلعب دورا فاعلا كمخفض لنسبة الكوليسترول ومضاد للتخثر. كما اثبتت الدراسات الاخرى ان للكركم تأثير على الخلايا السرطانية وربما يكون 
علاجا ناجحا في ايقاف خطر حدوث السرطان المبكر.

كما ثتبت انه يزيد من افرازات الصفراء، وله قدرة عجيبة في حماية المعدة من القرحة والكبد من الامراض، وكذلك تخليص الكبد من سمومه الناتجة عن شرب الخمر، وبالنسبة للمدخنين فان الكركم يمنع حدوث طفرة الخلايا التي يسببها الدخان. وفي المانيا يعالج 
الكركم تخمة المعدة وذلك بسبب تحفيز المرارة على إفراز الصفراء، ويخفف من حدوث قرحة المعدة والاثني عشر، كما يدخل الكركم حاليا في عقاقير ومراهم لعلاج التهابات اخرى مثل الربو والاكزيما الجلدية.

المصدر:إعتدال سلامه من إيلاف

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

التعريف بالهندوسية

الهندوسيَّة هي ديانة هنديَّة قديمة، ولا تُنسب إلى شخص بعينه بل هي مزيج من شعائر الهنود الأُصَلاء، وشعائر القبائل الآرية التي أغارت على الهند قبل الميلاد بعدَّة قرون، وقد كانت هذه القبائل الآريَّة تُقيم على البقاع الوسطى بين الهند ووادي النهرين، فاتجهت طائفة منها غربًا إلى أوربا، واتجهت منها شرقًا إلى الأقاليم الهنديَّة من شمالها إلى جنوبها.

وقد اشتملت الديانة الهندية القديمة على أنواع شتَّى من الآلهة، ففيها آلهة تمثِّل قوى الطبيعة وتُنسب إليها؛ كإله المطر، وإله النار، وإله النور والريح . والهندوسية -ويُطلق عليها أيضًا البراهمية- هي ديانة وثنية يعتنقها معظم أهل الهند، وهي مجموعة العقائد والعادات والتقاليد التي تشكَّلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى الوقت الحاضر، فهي ديانة تضمُّ القيم الرُّوحيَّة والخُلُقِيَّة إلى جانب المبادئ القانونيَّة والتنظيميَّة متَّخذة عدَّة آلهة بحسب الأعمال المتعلِّقة بها.

معتقدات الهندوسية وفرقها
وقد بيَّن الشهرستاني أنَّ الهندوس "البراهمة" تفرَّقوا أصنافًا؛ فمنهم أصحاب البددة، ومنهم أصحاب الفكرة، ومنهم أصحاب التناسخ:

1- أصحاب البدَدَة: و"البَدُّ " عندهم هو الشخص الذي لا يُولد، ولا ينكح، ولا يطعم، ولا يشرب، ولا يهرم، ولا يموت... وأوَّل "بدٍّ" ظهر في هذا العالم هو "شاكمي" أو "شاكيموني"، أي السيَّد الشريف، ودون مرتبة البد مرتبة "البوديسعية" أو "البردسعية"، وهو الإنسان الطالب سبيل الحقِّ، وإنما يصل إلى تلك المرتبة بالصبر والعطية، ومحاسن الأخلاق. وقد زعموا أن هؤلاء البَدَّة أتوهم على نهر الكنك، وأعطوهم العلوم، وظهروا لهم في أجناس وأشخاص شتَّى، ولم يكونوا يظهرون إلاَّ في بيوت الملوك.

2- أصحاب الفكرة والوهم: وهؤلاء أعلم من سابقيهم بالفلك والنجوم وأحكامها المنسوبة إليهم، وهم الذين يُعظِّمون الفكر، وهو المتوسط عندهم بين العالَم المحسوس والمعقول، وهو بالتجرُّد عن هذا العالَم، ربما يُوصل أحدهم إلى الإخبار عن مغيبات الأحوال، وربما يقوى على حبس الأمطار وغيرها...! والوهم إذا تجرّد عَمِل أعمالاً عجيبة -على قولهم- فكان إذا أصابهم أمرٌ جمعوا له أربعين من رجالهم المهذَّبِين المخلصين المتَّفِقِين على رأي واحد في الإصابة، فيجتمعون على رفع الغمَّة، فيندفع عنهم البلاء الملم بهم!

3- أصحاب التناسخ: وفكرة التناسخ هي فكرة قديمة موغلة في كثير من العقائد، ومنها الهندوسيَّة، التي يؤمن كثير من أتباعها بهذه العقيدة، وهم يقولون: إذا كانت حركات الأفلاك دورية فلا محالة يصل رأس الفرجار إلى ما بدأ ودار دورة ثانية على الخط الأول أفاد -لا محالة- ما أفاد الدور الأول؛ إذ لا اختلاف بين الدورين حتى يتصوَّر اختلاف بين الأثرين . فهذا التناسخ الذي يساوي بين مراتب الوجود الإنساني والحيواني كأنهما نسيج واحد، وسبيكة مختلطة العناصر، أدَّى إلى افتقادهم الرُّوح المميِّزة للإنسان دون غيره من سائر المخلوفات، وإنكار البعث والحساب والعقاب في اليوم الآخر .

فعقيدة التناسخ -أو تكرار الولادة والوفاة أو تجوال الرُّوح- على أساس فكرة العقاب للذين لم يستطيعوا أن يندمجوا في (الكلِّ) الذي هو الإله في العقيدة البراهمية؛ لارتباطها بتصوُّر أن الوجود واحد، فإذا ما مات الإنسان الشرير لا تنتقل روحه إلى إنسان آخر، بل يجوز أن تحلَّ في كلب أو شجرة، وما يزال تَكرار الوفاة فالولادة إلى أبد الآبدين، إذا لم تستطع أن تتجرد من الشهوات تجرُّدًا تامًّا يصعد بها إلى حيث يمكنها الاتحاد مع الكل، فإذا استطاعت الرُّوح التخلُّص من إسار الشرِّ، فإنها ستندمج في الكلِّ لتنعم بالاتحاد معه، وبهذا الاتحاد تنجو من العذاب الذي يتجلَّى في الولادة الجديدة المتكرِّرة .

لذا تعزَّزتْ في الهند عبادة "الطواطم" وهي العقيدة التي تنادي بوَحدة الوجود وتناسخ الأرواح، ثم تعزَّزَتْ بعقيدة الحلول؛ فعبدوا الحيوان على اعتباره جَدًّا حقيقيًّا أو رمزيًّا للأُسْرَة ثم للقبيلة، ثم تخلَّفت عبادة الحيوان حتى آمنوا بأنَّ الله يتجلَّى في كلِّ موجود، أو يخُصَّ بعضَ الأحبَّاء بالحلول فيه، وآمنوا بتناسخ الأرواح؛ لذلك فهم يؤمنون بكون الحيوان جَدًّا قديمًا، أو صديقًا عائدًا إلى الحياة في محنة التكفير والتطهير، فعاشت عندهم الطوطمية في أرقى العصور، كما عاشت في عصور الهمجيَّة لهذا الامتزاج بين الاعتقاد الحديث والاعتقاد القديم. وقد خلصوا كما خلص غيرهم من هذه العبادات إلى الإيمان بالإله الواحد، وإن اختلفوا في المنهج الذي سلكوه، فلم يكن إيمانهم به على الأساس الذي قام عليه إيمان الشعوب الأخرى بالتوحيد .

وكذلك اشتملت الهندوسيَّة على مجموعة من النظم العقائديَّة الأخرى منها الكارما: "قانون الجزاء"، أي أنَّ نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض، هذا العدل الذي سيقع لا محالة، إمَّا في الحياة الحاضرة أو في الحياة القادمة، وجزاءُ حياةٍ يكون في حياة أخرى، والأرض هي دار الابتلاء كما أنها دار الجزاء والثواب. ومنها أيضًا الانطـلاق الذي يعني أن صالح الأعمال وفاسدها ينتج عنه حياة جديدة متكرِّرة لتثاب فيها الرُّوح أو لتُعاقَب على حسب ما قدَّمت في الدورة الحياتيَّة السابقة.

وممَّا لا ريب فيه أن هؤلاء البراهمة ومَن تأثر بهم فقدوا كل حاسة أو نعمة إدراكيَّة قد أُعْطُوها؛ إذ كيف تتصوَّر عقولهم وأسماعهم وأبصارهم أن عبادة بقر -لا يملك لنفسه منفعة ولا مضرَّة- هي العبادة الصحيحة، فمن البدهي أنْ يَصِلَ الإنسانُ إلى خالقه عن طريق الإجابة على الأسئلة الكبرى المكوِّنة للعقيدة الصحيحة، وهي: مَنِ الخالق؟ وما حقيقة هذا الوجود؟ وغيرها من الأسئلة الأخرى، فهل من المعقول أن السبب الرئيسي لكل هذه المسبّبات المحيطة بنا ترجع إلى تلك البقرة المقدسة!!

لقد علَّق ابن الجوزي على فعلهم بقوله: "وقد كان قوم يعبدون الخيل والبقر وإن هؤلاء لأخسُّ من إبليس، فإن إبليس أنِفَ لادعائه الكمال أن يسجد لناقص، فقال: {أنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: 12]، وفرعون أنف أن يعبد شيئًا أصلاً" .

كتب الهندوسية :
ولهذه الديانة عدد هائل من الكتب، والتي يصعب في كثير من الأحيان فهمها؛ لغرابة لغتها. وقد أُلِّفَتْ كتب كثيرة لشرحها، وكتبٌ أخرى لاختصار تلك الشروح، وكلُّها كتب مقدَّسة، ومن أهمِّها:

1- الفيدا: وهي كلمة سنسكريتيَّة معناها الحكمة والمعرفة، وهي تصوِّر حياة الآريين، ومدارج الارتقاء للحياة العقليَّة من السذاجة إلى الشعور الفلسفي، وتتألَّف من أربعة كتب: "رج فيدا" أي الفيدا الملكية، وهي قديمة تعود إلى 3000 سنة قبل الميلاد، فيها ذِكْر لآلهة متعددة. و"بجور فيدا": وهي التي يتلوها الرهبان عند تقديم القرابين، ثم سم فيدا (Sama veda)، وهي التي ينشدون أناشيده أثناء إقامة الصلوات والأدعية. و"أثروا فيدا": وهو عبارة عن مقالات من الرُّقَى والتمائم لدفع السحر والتوهُّم والخرافة والأساطير والشياطين. وكل واحدة من هذه الفيدات يشتمل على أربعة أجزاء.

2- قوانين منو: وُضِعَتْ هذه القوانين في القرن الثالث قبل الميلاد، في العصر الويدي الثاني -عصر انتصار الهندوسيَّة على الإلحاد الذي تمثَّل في البوذيَّة والجينية- وهذه القوانين عبارة عن شرح للويدات بين معالم الهندوسيَّة ومبادئها وأسسها.

3- كتب أخرى: (مها بهارتا) وهي ملحمة هندية تشبه الإلياذة والأوديسة عند اليونان، و(كيتا) وهي التي تصف حربًا بين أمراء من أسرة ملكية واحدة، ويُنسب إلى كرشنا، وفيها نظرات فلسفيَّة واجتماعيَّة .

النظام الاجتماعي في الهندوسية :
ترتَّب على البراهمية (الهندوسية) نظام اجتماعي قاسٍ، قد يكون من الأنظمة التاريخيَّة القديمة التي قامت على أعقابها الثورات التحرُّريَّة القائمة على مبدأ محاربة النظام الطبقي، كالاشتراكيَّة والشيوعيَّة في العصر الحديث. فمنذ وصول الآريين إلى الهند نراهم قد شكَّلوا طبقات اجتماعيَّة صارمة، لا تزال موجودة في الهند حتى الآن، وهم يعتقدون أنه لا طريق ولا وسيلة مناسبة لإزالتها؛ لأنها تقسيمات أبديَّة مِن خلق الله تعالى، وهذه الطبقات جاءت في "قوانين منو" على النحو التالي:

1- البراهمة: وهم الذين خلقهم الإله "براهما" من فمه، فمنهم المعلِّم والكاهن والقاضي، ولهذه الطبقة تلجأ بقيَّة الطبقات الأدنى في حالات الزواج والوفاة، ولا يجوز تقديم القرابين إلاَّ في حضرتهم.

2- الكاشتر: وهم الطبقة الثانية، وهم يعتقدون أن الإله خلقهم من ذراعيه، حيث يتعلَّمون ويقدّمون القرابين، ويحملون السلاح للدفاع.

3- الويش: وهم الذين خلقهم الإله من فخذه، يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال، وينفقون على المعاهد الدينيَّة.

4- الشودر: وهم الذين خلقهم الإله من رجليه، وهم -مع الزنوج الأصليين- يشكِّلون طبقة المنبوذين، وعَمَلُهم مقصور على خدمة الطوائف الثلاثة السابقة الشريفة، ويمتهنون المهن الحقيرة، وهذه الطائفة -بحسب قوانين منو- أحطُّ من البهائم، وأذلُّ من الكلاب .

تطور الهندوسية :
صَاحَبَ هذا الانحطاط الاجتماعي تطوُّر العقيدة الهندوسيَّة، وانحدارها من التوحيد إلى الشرك، ومرَّ ذلك بثلاثة أدوار رئيسية:

الأول: دور التوحيد عند الهنود القدماء، وربما الذين انحدروا من الأصل السامي، نسبة إلى سام بن نوح.

الثاني: دور الكهنة البراهمة، ونشأة الثالوث الهندي (برهما، فشنو، سيفا).

الثالث: دور الشرك والوثنية، حيث اتَّسع نفوذ الكهنة فأنشئوا الامتيازات والاختصاصات ووضعوا نظام الطبقات، وزعموا أنهم المتفرِّدون بمعرفة الحقائق، وهو ما أدَّى إلى ستر الحقائق عن الشعب، فنتج عن ذلك الجنوح إلى الشرك وتعدُّد الآلهة، ثم الانحدار إلى عبادة الأشخاص والتماثيل والحيوانات، بل إن الأمر تطوَّر عندهم إلى إنكار النبوَّات، وهي المزاعم التي جاء بها "برهما" الذي إليه ينتسبون، وتتلخص في:

1- أن العقل دلَّ على أن الله تعالى حكيم، والحكيم لا يتعبَّده الخلق إلاَّ بما تدلُّ عليه عقولهم، فننظر في آيات خلقه بعقولنا، ونشكره بآلائه علينا، وإذا عرفه الإنسان وشكره، استوجب ذلك ثوابه، وإذا أنكره الإنسان وكفر به، استوجب عقابه؛ فلأي سبب يمكن أن نتَّبع بشرًا مثلنا، يأكل كما نأكل، ويشرب كما نشرب .

2- أن الذي يأتي به الرسول لم يخلُ من أحد أمرين: إمَّا أن يكون معقولاً، وإمَّا أنْ لا يكون معقولاً، فإن كان معقولاً فقد كفانا العقل التام بإدراكه والوصول إليه، فلا حاجة إلى رسول، وإن لم يكن معقولاً فلا يكون مقبولا .

تعظيم الهندوسية للبقرة :
قد يدور في خلد إنسان التعجُّب من الاحترام والتوقير الذي تتعامل به البقرة المقدَّسة في المجتمع الهندي، على خلاف فئة المنبوذين من البشر، والتي هي أقلُّ طبقات المجتمع الهندي احترامًا وتوقيرًا، وهي أقلُّ من الكلاب والبهائم في هذا المجتمع أيضًا، ثم يتعجَّب متهكِّمًا من المعاملة القاسيَّة من هؤلاء الهنود للثور الذي هو ابن هذه البقرة، أو أبوها، أو حفيدها!!

ولا يكاد القارئ لهذه العقيدة يبرح المجتمع الهندي الذي بلغ من هُيامه للبقرة مبلغًا لم يسبقه إليه مجتمعًا آخر؛ إلاَّ ويجد غاندي -هذا المصلح الهندي الذي ذاع صيته- مخاطبًا البقرة ومناديًا إيَّاها باسم (أمي البقرة)، ويوضِّح أسباب هذه العاطفة الجيَّاشة بينه وبين (أمِّه البقرة) بقوله: "إن حماية البقرة التي فرضتها الهندوسيَّة هي هدية الهند للعالم، وهي إحساسٌ برباط الأخوَّة بين الإنسان وبين الحيوان، والفكر الهندي يعتقد أنَّ البقرة أمٌّ للإنسان، وهي كذلك في الحقيقة، إن البقرة خير رفيق للمواطن الهندي، وهي خير حماية للهند، فعندما أرى البقرة لا أعدُّني أرى حيوانًا؛ لأني أعبد البقرة، وسأدافع عن عبادتها أمام العالم أجمع، وأمِّي البقرة تَفْضُل أمِّي الحقيقيَّة من عدَّة وجوهٍ؛ فالأمُّ الحقيقية ترضعنا مدَّة عام أو عامين، وتتطلَّب منَّا خدمات طُول العمر نظير هذا، ولكن أمَّنا البقرة تمنحنا اللبن دائمًا، ولا تتطلَّب منَّا شيئًا مقابل ذلك سوى الطعام العادي، وعندما تمرضُ الأمُّ الحقيقيَّة تكلِّفنا نفقات باهظة، ولكن عندما تمرض أمُّنا البقرة، فلا نخسر لها شيئًا ذا بال، وعندما تموت الأم الحقيقيَّة تتكلَّف جنازتها مبالغ طائلة، أما عندما تموت أمُّنَا البقرة، فإنها تعود علينا بالنفع كما كانت تفعل وهي حيَّة؛ لأننا ننتفع بكل جزء من جسمها حتى العظم والجلد والقرون، وأنا لا أقول هذا لأقلِّل من قيمة الأمِّ، ولكن لأُبَيِّنَ السبب الذي دعاني لعبادة البقرة، فملايينُ الهنودِ يتَّجِهون للبقرة بالعبادة والإجلال، وأنا أعدُّ نفسي واحدًا من هؤلاء الملايين!!" .

إنَّ الإنسان ليتعجَّب من عبادة هؤلاء لحيوان لا يضرُّ ولا ينفعُ إلاَّ بإذن الله تعالى، فهؤلاء - لا ريب- فقدوا عقل الهداية الذي به يسترشد الإنسان من كلِّ ضلال وحيرة، فهم يتكلَّمون عن البقرة، وكأنها كلُّ شيء في هذا الوجود، فهل هذه البقرة -التي لا تفعل شيئًا سوى أنها تأكل من تحت قدميها، وأنها تُلقي روثها وفضلاتها أيضًا بين قدميها- قادرة على إجابة المضطر، ودفع الأذى، وجلب الخير للإنسان؟!! هيهات!

كما أثَّرت الهندوسية بالسلب على كثير من المحيطين بها، فخرج بعض ناقصي العقل بدين جديد سموه السيخية، وهي في حقيقتها محاولة جادة للتوفيق بين فريقين أصيلين لهما مكانتهما وجذورهما التاريخيَّة والحضاريَّة في الهند -أي المسلمين والهندوس- لكنها لم تلبث أن انطوت على نفسها؛ إذ كيف يتمُّ الجمع بين أُناس يعبدون البقر ويُحَرِّمون أكلها، وبين أناس أُحِلَّ لهم شُرْبُ لبنها، والاستفادة من لحومها وشحومها!!

خرافات الهندوسية :
لقد ترتَّب على الديانة الهندوسيَّة أنها ملأت المجتمع بالخرافات، بل وصل الأمر أنها أثَّرت تأثيرًا خطيرًا في هبوط المستوى الاقتصادي لمعتنقيها؛ فبعض طبقاتها لا تعمل؛ لأن العمل لا يليق بمكانتها السامية كطبقة البراهمة، وطبقة الحكَّام والجنود، وبعض طبقاتها لا تعمل إلاَّ في خدمة السادة وتسهر على رفاهيتهم، على أن نظام الطبقات نفسه يُعاب على الهندوسيَّة؛ لتعطيله تكافؤ الفرص، وحرمانه كثيرًا من الناس حقوقهم في السبق والتفوُّق، ومن العادات الممقوتة أيضًا في الهندوسيَّة التبكير في الزواج، فقد كان الأطفال يُعقد لهم بالزواج وهم يحْبُون، وإذا مات الولد -وكثيرًا ما كان يحدث- ترمَّلت زوجته وأمضت حياتها أرملة حزينة عليه، وكثيرًا ما كانت الزوجة تُلقي بنفسها في النار لتَحْرِق نفسها بنفس النار التي أُشعلتْ ليُحرق بها جثمان زوجها الميت. وقد ألغى القانون الهندي كثيرًا من هذه العادات؛ لأنها تتناقض مع العقل والمنطق، وتقدُّم المجتمع !!

ومع أن بعض مفكري الهند أمثال رام موهان راي، وديباندرانات طاغور، وكيشاب كاندرسِن، وساراسفاتي، وغاندي، وغيرهم، قد تحلّقوا حول الهندوسيَّة، واستمسكوا بها كدين، لكنهم لم يهتمُّوا بمعرفة التناقضات التي امتلأت بها الهندوسيَّة، وقد أظهرت الهندوسيَّة في كلِّ وقت سهولة في قبول التسويات بين الوَحدانية وتعدُّد الآلهة، وبين وَحدة الوجود وبين وجود إله، وبين تأكيد العالم ونفيه، وكأنها ديانة متناقضة! ومن ثَمَّ فإن مفكري الهند -السابق ذكرهم- اهتمُّوا بنشر الهندوسيَّة أكثر من اهتمامهم بتسويغها تسويغًا حقيقيًّا، وقد أتى ميلهم إلى الاكتفاء بالتعايش السلمي معها بدلاً من الذهاب إلى أعماق المشاكل؛ فهم لا يجرُءون على مجابهة سلطة التقاليد. ومما سبق يمكن القول: إن الفكر الهندي الحديث لم يكتسب بعدُ استقلالَه تجاه التقاليد، ولم يُصبح بعدُ نقديًّا تجاه نفسه .

تأثر بعض المسلمين بالهندوسية :
وليت أمر الهندوسيَّة ظلَّ محصورًا في الهند، فقد تأثَّر بعضُ المسلمين بأفكارهم، فكان ذلك سببًا في انحرافهم عن المنهج الإسلامي الصحيح، لكنَّ العلماء المسلمين استطاعوا تفنيد كلَّ انحراف أُدْخِل إلى الإسلام وهو منه براءٌ كالاعتقاد بالتناسخ الذي فضحه العلماء، كالإمام ابن حزم الذي نبَّه على بطلانه، فقال: "افترق القائلون بتناسخ الأرواح على فرقتين: فذهبت الفرقة الأولى إلى أن الأرواح تنتقل بعد مفارقتها الأجساد إلى أجساد أخرى، وإن لم تكن من نوع الأجساد التي فارقت، وهو قول أحمد بن حائط تلميذ النَّظَّام، وأحمد بن مانوس تلميذه ، وأبي مسلم الخراساني، وغيرهم" .

وتسرَّبت معتقدات البراهمية كذلك إلى بعض فرق الشيعة، خاصَّة ما يتعلَّق بالرجعة -وهو شبيه بالتناسخ عند الهندوسيَّة- فهي عودة الرُّوح لحياة جديدة، ولكنها في الرجعة تعود إلى الجسم، أي أن الشخص نفسه جسمًا وروحًا يعود للحياة بعد الموت، وقد قال بعض الإماميَّة بعودة علي بن أبي طالب t، وقال أكثرهم بعودة الإمام الثاني عشر وسمَّوْه المهدي. وانحراف بعض عامَّة المسلمين الذين أدخلوا في عقائدهم بعض الاتجاهات الهندوسية تسبَّبَ في إخراجهم من الإسلام، مثل بعض اتجاهات الأحمديّة وغيرهم .

محنة المسلمين مع الهندوس :
إنَّ للمسلمين تاريخ ومكانة كبيرة في الهند منذ بزوغ فجر الإسلام؛ حيث انتقل التجَّار المسلمون من بلد إلى آخر ينشرون فيه تعاليم الإسلام بسلوكهم وأخلاقهم، ومن ثَمَّ تكوَّنت في الهند دولاً إسلاميَّة؛ مثل: الدولة الغزنوية، والغورية، وغيرهما، فنشأت حضارة إسلامية راقية عاش فيها المسلم بجوار الهندوسي في سلام إلى أن جاء الاحتلال الإنجليزي فغذَّى الصراع الطائفي بين المسلمين والهندوس.

ومن أشكال هذا الصراع ادِّعاء الهندوس أن مسجد بابري في مدينة أيوديا -والذي بُنِيَ عام 1528م- قد بُنِيَ في المكان الذي وُلِدَ فيه (رام شاندر) أحد آلهة الهنود، وعالج المستعمر البريطاني آنذاك صدام طائفتي المسلمين والهندوس بأن سمح للهندوس بالصلاة في الساحة الخارجيَّة للمسجد، الأمر الذي يُذَكِّرنا بمطامع الصهاينة في ساحة المسجد الأقصى وحائطه الغربي الذي يسميه اليهود والمفرطون العرب -كذبًا وبهتانًا- باسم حائط المبكى.

وفي عام 1984م شكَّل الهندوس لجنة من غلاة المتطرِّفين لتحرير مسقط رأس الإله المزعوم رام، وأشرفت اللجنة على وضع حجر أساس معبد رام في الأرض المجاورة لمسجد بابري عام 1989م، وأقدم الهندوس المتعصبون عام 1992م بزعامة منظمة VHP المتطرِّفة على تدمير المسجد بصورة كاملة، ممَّا أدَّى إلى اشتعال الصدام الطائفي في ولاية أوتار براديش بكاملها، وسقوط ألفين من المسلمين والهندوس صرعى التعصب الهندوسي المقيت، وفي يناير 1993م امتدَّت الاضطرابات إلى بومباي، وقد فرضت الحكومة الهنديَّة سيطرتها على أرض المسجد، وتركت للمحكمة العليا الهنديَّة البتَّ في تحديد إلى من تَئُول ملكيَّتها، وقرارها صدر في 19 مارس، مؤكِّدًا ملكيتها للمسلمين بعد أنْ تأخَّر عشر سنوات كاملة، تُثْبِتُ قصور التشريعات الحالية عن مواجهة الخلافات الطائفيَّة بالسرعة والحسم المنشودين.

ومع انتشار الفاقة إلى حدِّ أن 42% من الهنود يعيشون تحت خطِّ الفقر، ومع ارتفاع ديون الهند الخارجيَّة إلى أكثر من مائة مليار دولار، واستمرار 67% من قوَّة العمل في مجال الزراعة - تبدو سهولة استقطاب الجماعات الهندوسيَّة المتطرِّفة للأنصار، الذين يثيرون الفتن من آنٍ إلى آخر مستغلين الحالة الاقتصادية المزرية التي يُوجد عليها المسلمون خاصَّة والهنود عمومًا.

وبعد أحداث واشنطن ونيويورك في 11 سبتمبر سنة 2001م بدأ غلاة الهندوس إشعال العداء ضدّ الإسلام كدين، والمسلمين الهنود كمواطنين في بعض ولايات الهند، واعتبر المتطرفون الهندوس أنَّ عليهم الانتصارَ لثقافة وقيم الهندوس، كما يفعل الأمريكيون في أفغانستان دفاعًا عن حضارة الغرب وتقدُّمه، ودعا بعضهم الولايات المتحدة لنصرة الهند في جامو وكشمير، والقضاء على المقاومة الوطنيَّة التي تدعو إلى استقلال كشمير أو إلى انضمام أغلب أراضيها إلى باكستان، وبدأت حكومة دلهي بالفعل إعادة النظر في تدريس المناهج الدينيَّة في المدارس والمعاهد الإسلاميَّة في الهند؛ لتَبْتَعِدَ عمَّا يرتبط بالعنف والإرهاب كما يزعم الأمريكان!!

كما قدَّمت الهند دعمًا كبيرًا لقوَّات تحالُفِ المعارضة الشمالي في أفغانستان بالسلاح والمال والاحتياجات الإداريَّة، بشكل أسهم بصورة مؤثِّرة في إسقاط نظام طالبان في كابول في وقت وجيز، ولا تزال حكومة دلهي تطالِبُ الولايات المتحدة بالضغط على إسلام أباد لوقف تسلُّل المجاهدين عبر الحدود الهنديَّة الباكستانيَّة التي يحتشد على جانبيها حاليًا نحو مليون جندي من قوَّات الدولتين !! هذا، ولا يزال الاضطهاد الديني من قِبَلِ الهندوس تجاه المسلمين مستمرًّا إلى وقتنا الحالي، وعلى الرغم من اقتراب تعداد المسلمين في الهند من 141 مليون نسمة، لكنهم ما زالوا أقلِّيَّة داخل الهند، التي يزيد تعداد سكانها على المليار نسمة بقليل، وتنادي هذه الأقلية في كثير من الأحيان بالمساعدة من الدول الإسلاميَّة التي تربطها بالهند عَلاقات اقتصاديَّة وسياسيَّة قويَّة، وكذلك المناداة بتدخُّل منظمة المؤتمر الإسلامي التي من شأنها حماية الأقليات المسلمة في البُلدان المختلفة.

المصدر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب 

التعريف بالمعتزلة

الاعتزال لغة واصطلاحا
الاعتزال معناه لغة: الانفصال والتنحي، واعتزلت القوم أي فارقتهم وتنحيت عنهم، والمعتزلة هم المنفصلون . هذا في اللغة. أما في الاصطلاح فهي فرقة عقلانية كلامية فلسفية، تتكون من طوائف من أهل الكلام، الذين خلطوا بين الشرعيات والفلسفة والعقليات 
في كثير من مسائل العقيدة، وقد خرجت المعتزلة عن السنة والجماعة في مصادر التلقي ومناهج الاستدلال ومنهج تقرير العقيدة وفي أصول الاعتقاد . ويسمون أصحاب العدل والتوحيد، ويلقبون بالقدرية  والعدلية، وهم قد جعلوا لفظ القدرية مشتركًا، وقالوا: لفظ القدرية يُطلق على من يقول بالقدر خيره وشره من الله تعالى؛ احترازًا من وصمة اللقب إذ كان الذم به متفقًا عليه لقول النبي : "الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ" .

النشأة وجذور الاعتزال
الواقع أن نشأة الاعتزال كانت ثمرة تطور تاريخي لمبادئ فكرية وعقدية وليدة النظر العقلي المجرد في النصوص الدينية، وقد نتج ذلك عن التأثر بالفلسفة اليونانية والهندية والعقائد اليهودية والنصرانية؛ فقبل بروز المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء كان هناك جدل ديني فكري بدأ بمقولات جدلية كانت هي الأسس الأولى للفكر المعتزلي، على أن هناك رواية ترجع الفكر المعتزلي في نفي الصفات إلى أصول يهودية فلسفية؛ فالجعد بن درهم أخذ فكره عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان عن طالوت وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي . وقيل أيضًا: إن مناقشات الجهم بن صفوان مع فرقة السمنية  قد أدت إلى تشكيكه في دينه، وابتداعه لنفي الصفات, كما أن فكر يوحنا الدمشقي وأقواله تُعدُّ موردًا من موارد الفكر الاعتزالي؛ إذ إنه كان يقول بالأصلح، ونفي الصفات  الأزلية وحرية الإرادة الإنسانية .

وقد برزت المعتزلة بعد ذلك كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء الذي كان تلميذًا للحسن البصري، وذلك عندما دخل رجل على الحسن البصري فقال: يا إمام الدين، لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفِّرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم 
وعيدية الخوارج، وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، بل العمل على مذهبهم ليس ركنًا من الإيمان، ولا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأمة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادًا؟ فتفكر الحسن في ذلك وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء : أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقًا ولا كافر مطلقًا، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر. ثم قام واعتزل إلى أسطوانة من أسطوانات المسجد، يقرر ما أجاب على جماعة من أصحاب الحسن، 

فقال الحسن: اعتزل عنا واصل؛ فسمي هو وأصحابه معتزلة . ولأجل هذا سمَّاهم المسلمون معتزلة لاعتزالهم قول الأمة بأسرها .وكان سبب سؤال السائل ذلك للحسن البصري أنه لم يكن في زمن النبي  خوض في هذه المسائل ولا في صدر الإسلام، وإنما حدث ذلك في أواخر عصر متأخِّري الصحابة  وأول حدوثه في مسألة القَدَرِ وفي الاستطاعة من معبد الجُهنَيّ وغيلان الدمشقي والجَعد بن درهم، 

وتبرّأ منهم متأخَرو الصحابة عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأبو هريرة، وتواصَوا وأوصَوا أخلافهم أن لا يسلموا عليهم، ولا يصلّوا على جنائزهم، ولا يعودوا مَرضاهم، وإنما حملهم على ذلك ما صحّ عن رسول الله  من ذّم القدرية . وكان علماء التابعين في ذلك العصر مع أكثر الأمة يقولون: إن صاحب الكبيرة من أمة الإسلام مؤمن؛ لما فيه من معرفته بالرسل والكتب المنزلة من الله تعالى، ولمعرفته بأن ما جاء من عند الله حق، ولكنه فاسق بكبيرته، وفسقه لا ينفي عنه اسم الإيمان والإسلام، وعلى هذا القول مضى سلف الأمة من الصحابة وأعلام التابعين .

مؤسس الاعتزال وأبرز المنظرين :
مؤسس هذه الفرقة هو واصل بن عطاء البصري (80- 131هـ/ 699- 749م) الغزّال المتكلم البليغ المتشدق الذي كان يلثغ بالراء، فلبلاغته هجر الراء وتجنبها في خطابه، سمع من الحسن البصري وغيره، قال أبو الفتح الأزدي: رجل سوء كافر.قلت : كان من أجلاد المعتزلة، ولد سنة ثمانين بالمدينة. ومما قيل فيه: ويجعل البر قمحًا في تصرفـه  وخالف الراء حتى احتال للشعر
ولم يطق مطرًا في القول يعجله *** فعاذ بالغيث إشفاقًا من المطـر
وله من التصانيف: كتاب أصناف المرجئة، وكتاب التوبة، وكتاب معاني القرآن، وكان يتوقف في عدالة أهل الجمل ويقول: إحدى الطائفتين فسقت لا بعينها، فلو شهد عندي عليٌّ وعائشة وطلحة على باقة بقل لم أحكم بشهادتهم . مات سنة إحدى وثلاثين ومائة .

ومن أبرز منظري المعتزلة أيضًا:
أبو الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف (135- 226هـ/ 753- 841م) شيخ المعتزلة، ومقدم الطائفة، ومقرر الطريقة، والمناظر عليها، أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء[17]، وتُنسب إليه فرقة الهذيلية. وأيضًا إبراهيم بن يسار بن هانئ النظَّام (ت 231هـ/ 846م) وقد طالع كثيرًا من كتب الفلاسفة، وخلط كلامهم بكلام المعتزلة  ، وتُنسب إليه فرقة النظاميّة. ومنهم أيضًا معمر بن عباد السلمي (ت 220هـ/ 835م) وهو من أعظم القدريّة فِرْيةً في تدقيق القول بنفي الصفات، ونفي القدر خيره وشره عن الله تعالى، والتكفير والتضليل على ذلك ، وتُنسب إليه فرقة المعمرية. ومنهم عيسى بن صبيح المكنى بأبي موسى الملقب بالمردار (ت 226هـ/ 841م)، وكان يقال له: راهب المعتزلة ، وقد عُرف عنه التوسُّع في التكفير حتى كفّر الأمة بأسرها بما فيها المعتزلة، وتُنسب إليه فرقة المردارية. وأيضًا ثمامة بن أشرس النميري (ت 213هـ/ 828م) كان جامعًا بين قلة الدين وخلاعة النفس، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في النار إذا مات على فسقه من غير توبة، وهو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين. وكان زعيم القدرية في زمان المأمون والمعتصم والواثق، وقيل إنه الذي أغرى المأمون ودعاه إلى الاعتزال، وتُسمَّى فرقته الثماميّة .

ومن أبرز منظري المعتزلة أيضًا أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت 256هـ/ 870م) وهو من كبار كُتَّاب المعتزلة، ومن المطلعين  على كتب الفلاسفة، ونظرًا لبلاغته في الكتابة الأدبية استطاع أن يدسّ أفكاره المعتزلية في كتاباته كما يدس السم في الدسم، مثل البيان والتبيين، وتُسمى فرقته الجاحظية. وكذلك أبو الحسين بن أبي عمر الخياط (ت 300هـ/ 913م) من معتزلة بغداد، وبدعته التي تفرد بها قوله بأن المعدوم جسم، والشيء المعدوم قبل وجوده جسم، وهو تصريح بقدم العالم، وهو بهذا يخالف جميع المعتزلة، وتسمى فرقته الخياطية .ومنهم أيضًا القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني (ت 414هـ/ 1023م) فهو من متأخري المعتزلة، قاضي قضاة الرَّيّ وأعمالها، وأعظم شيوخ المعتزلة في عصره، وقد أرّخ للمعتزلة وقنن مبادئهم وأصولهم الفكرية والعقدية. هؤلاء هم أشهر منظري المعتزلة.

المبادئ العامة للمعتزلة
جاءت المعتزلة في بدايتها بفكرتين مبتدعتين:
الأولى: القول بأن الإنسان مختار بشكل مطلق في كل ما يفعل، فهو يخلق أفعاله بنفسه، ولذلك كان التكليف. ومن أبرز من قال ذلك غيلان الدمشقي، الذي أخذ يدعو بمقولته هذه في عهد عمر بن عبد العزيز حتى عهد هشام بن عبد الملك حيث كانت نهايته. الثانية: القول بأن مرتكب الكبيرة ليس مؤمنًا ولا كافرًا، ولكنه فاسق، فهو بمنزلة بين المنزلتين، هذا حاله في الدنيا. أما في الآخرة فهو لا يدخل الجنة؛ لأنه لم يعمل بعمل أهل الجنة، بل هو خالد مخلد في النار، ولا مانع عندهم من تسميته مسلمًا باعتباره يظهر الإسلام، وينطق بالشهادتين، ولكنه لا يُسمى مؤمنًا .يقول الشهرستاني: الذي يعمُّ طائفة المعتزلة من الاعتقاد القول بأن الله تعالى قديم، والقدم أخص وصف ذاته، ونفوا الصفات القديمة أصلاً فقالوا: هو عالم بذاته، قادر بذاته، حي بذاته، لا بعلم وقدرة وحياة هي صفات قديمة ومعانٍ قائمة به؛ لأنه لو شاركته الصفات في القدم الذي هو أخص الوصف لشاركته في الإلهية. واتفقوا على أن كلامه محدث مخلوق في محل، وهو حرف وصوت كتب أمثاله في المصاحف حكايات عنه، فإن ما وجد في المحل عرض قد فني في الحال.

واتفقوا على أن الإرادة والسمع والبصر ليست معاني قائمة بذاته، لكن اختلفوا في وجوه وجودها ومحامل معانيها. واتفقوا على نفي رؤية الله تعالى بالأبصار في دار القرار، ونفي التشبيه عنه من كل وجه: جهة ومكانًا، وصورة وجسمًا، وتحيزًا وانتقالاً، وزوالاً وتغيرًا وتأثرًا. وأوجبوا تأويل الآيات المتشابهة فيها، وسموا هذا النمط (توحيدًا). واتفقوا على أن العبد قادر خالق لأفعاله خيرها وشرها مستحق على ما يفعله ثوابًا وعقابًا في الدار الآخرة، والرب تعالى منزه أن يضاف إليه شر وظلم وفعل هو كفر ومعصية؛ لأنه لو خلق الظلم كان ظالمًا كما لو خلق العدل كان عادلاً.

واتفقوا على أن الله تعالى لا يفعل إلا الصلاح والخير، ويجب -من حيث الحكمة- رعاية مصالح العباد، وأما الأصلح واللطف ففي وجوبه عندهم خلاف وسموا هذا النمط (عدلاً).
واتفقوا على أن المؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض. والتفضل معنى آخر وراء الثواب. وإذا خرج من غير توبة عن كبيرة ارتكبها استحق الخلود في النار، لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار، وسموا هذا النمط (وعدًا ووعيدًا). واتفقوا على أن أصول المعرفة وشكر النعمة واجبة قبل ورود السمع، والحسن والقبح يجب معرفتهما بالعقل، واعتناق الحسن واجتناب القبيح واجب كذلك. وورود التكاليف ألطاف للباري تعالى أرسلها إلى العباد بتوسط الأنبياء عليهم السلام امتحانًا واختبارًا؛ {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42]. واختلفوا في الإمامة والقول فيها نصًّا واختيارًا .

ونستطيع القول إذن أن المعتزلة يجمعهم -غالبًا- ما يُسمَّى بالأصول الخمسة، وهي:
1- المنزلة بين المنزلتين، وهو قولهم بأن الفاسق الملّي (مرتكب الكبيرة) لا مؤمن ولا كافر، بل في منزلة بينهما.
2- التوحيد، ويقصدون به نفي صفات الله تعالى.
3- العدل، ويقصدون به نفي القدر.
4- الوعد والوعيد، أو (إنفاذ الوعيد)، وهو زعمهم أن مرتكب الكبيرة مخلَّد في النار إذا مات على كبيرته.
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقصدون به الخروج على ولاة الأمور، وإلزام الناس بمقالاتهم وعقائدهم. فمن قال بهذه الأمور أو أكثرها فهو معتزلي .

تطور المعتزلة وانقسامها
من خصائص الفكرة المبتدعة -ومثلها في ذلك مثل كل الأفكار البشرية الاعتقادية- أنها عادة تبدأ بسيطة ساذجة في اللفظ والمعنى، ثم لا تلبث أن تتعقد وتتفرع، بل تتغير وتتبدل، ثم تتناقض وتتضارب، وإذا كثير من مبادئها الأوليّة قد تغيرت بشكل تام، وهي في كل ذلك تسير من سيئ إلى أسوأ، وتزداد انحرافًا وبعدًا عن السُّنَّة، وما ذلك إلا لاعتمادها على العقل فيما لا يدركه العقل؛ لذلك قد قيل: إن صاحب البدعة لا تقبل له توبة، فهو ينتقل من حال إلى حال أسوأ كلما أوغل في بدعته. أما من تمسك بالنصوص الثابتة الجلية، والقواعد الصحيحة البينة فلا مجال لانحرافه؛ إذ إن الأمر دائر بين ثبوت النص وقواعد الفقه فيه، وهما أمران واضحان عند أهل السنة والجماعة حسب منهجهم. وقد ظهر ذلك الأمر جليًّا في فكر المعتزلة وتطور مقالاتهم خلال ثلاثة قرون هي فترة حياة الاعتزال كفرقة مستقلة واضحة ].

فقد افترقت المعتزلة فيما بينها عشرين فرقة، كل فرقة منها تكفِّر سائرها، وهذه الفرق هي الواصلية، والعمرية، والهذيلية، والنظامية، والأسوارية، والمعمرية، والإسكافية، والجعفرية، والبشرية، والمردارية، والهشامية، والتمامية، والجاحظية، والحايطية، والحمارية، والخياطية، وأصحاب صالح قبة، والمويسية، والشحامية، والكعبية، والجبابية، والبهشمية المنسوبة إلى أبي هاشم بن الحبالى. فهذه ثنتان وعشرون فرقة، فرقتان منها من جملة مائة وأربعين من فرق الغلاة في الكفر، وهما الحايطية والحمارية، وعشرون منها قدرية محضة . ومن الواضح أن كل فرقة من هذه الفرق قد تسمت باسم مؤسسها، فالواصلية نسبة إلى واصل بن عطاء، والهذلية نسبة إلى أبي الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف، وهكذا، وقد اتفقوا في الأصول أو المبادئ الخمسة التي سبق ذكرها، واختلفوا في غيرها.

المراحل التي مرت بها فرقة المعتزلة
ظهرت المعتزلة كفرقة فكرية في أوائل القرن الثاني الهجري، إلا أنها -مع ذلك- كان لها نشاط سياسي ودور كبير على مسح الأحداث خاصة في بعض فترات العصر العباسي وإبّان الدولة البويهية الشيعية. ويمكن تقسيم المراحل السياسية للمعتزلة على هذا النحو:
المرحلة الأولى: تكوُّن الفرقة ونشأتها في العصر الأموي.
المرحلة الثانية: المعتزلة في العصر العباسي.
المرحلة الثالثة: في عصر المتوكل (عصر الضعف).
المرحلة الرابعة: في عصر البويهيين (عصر النشاط الثاني).
المرحلة الخامسة: انحلال المعتزلة كفرقة وذوبانها في الفرق الأخرى .

سبق أن ذكرنا أن بدايات نشأة المعتزلة كانت حين اعتزل واصل بن عطاء حلقة شيخه الحسن البصري، كان ذلك في عهد الدولة الأموية، والتي كان لشيوخ الفكر الاعتزالي الأوائل من القدرية والجهمية دور كبير في كثير من الحركات التي خرجت عليها، فلقوا جزاءً شديدًا نتيجة الموقف المعادي للدولة الأموية، فقد خرج معبد الجهني -وهو أول من قال بالقدر- على عبد الملك بن مروان مع عبد الرحمن بن الأشعث في حركته التي كادت تقضي على حكم الأمويين، وقد قتله الحجاج بن يوسف الثقفي بعد فشل الحركة عام 80هـ.
وكذلك خرج الجهم بن صفوان -الذي قال بنفي الصفات وخلق القرآن- مع الحارث بن سريج على بني أمية، فقتله سالم بن أحوز في مرو عام 128هـ بعد فشل الحركة. أما غيلان الدمشقي فقد جرت بينه وبين عمر بن عبد العزيز مناقشات بشأن القدر، فأمسك غيلان عن الكلام فيه حتى مات عمر بن عبد العزيز، ثم أكمل بدعته حتى قتله هشام بن عبد الملك. وأما الجعد بن درهم فقد قتله خالد بن عبد الله القسري والي الكوفة بعد استفحال أمره .ثم تأتي مرحلة قوة المعتزلة حيث الخلافة العباسية، فقد برز المعتزلة في عهد المأمون حيث اعتنق الاعتزال عن طريق بشر المريسي، وثمامة بن أشرس، وأحمد بن أبي دؤاد، وهو أحد رءوس بدعة الاعتزال في عصره، ورأس فتنة خلق القرآن، وكان قاضيًا للقضاة في عهد المعتصم، وفي فتنة خلق القرآن امتُحن الإمام أحمد بن حنبل الذي رفض الرضوخ لأوامر المأمون والإقرار بهذه البدعة، فسُجن وعُذِّب وضُرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون، وبقي في السجن مدة عامين ونصف ثم أعيد إلى منزله وبقي فيه طيلة خلافة المعتصم ثم ابنه الواثق .

ولما تولى المتوكل الخلافة عام 232هـ أظهر الانتصار للسُّنَّة، فأمر بالمنع من الكلام في مسألة الكلام، والكفِّ عن القول بخلق القرآن، وأن من تعلّم علم الكلام لو تكلم فيه فالمطبق  مأواه إلى أن يموت، وأمر الناس أن لا يشتغل أحد إلا بالكتاب والسنة لا غير، وأمر بإكرام الإمام أحمد إكرامًا عظيمًا، وقتل محمد بن عبد الملك بن الزيات الذي سعى في قتل أحمد بن نصر وكان سببًا في محنة الإمام أحمد، وأمر بدفن جثمان أحمد بن نصر الذي كان ما زال معلقًا مصلوبًا منذ قتله الواثق. وهكذا انتهت تلك السنوات التي استطال فيها المعتزلة وسيطروا على السلطة وحاولوا فرض عقائدهم بالقوة والإرهاب خلال أربعة عشر عامًا كاملة .

وفي عهد دولة بني بويه عام 334هـ في بلاد فارس -وكانت دولة شيعية- توطدت العلاقة بين الشيعة والمعتزلة وارتفع شأن الاعتزال أكثر في ظل هذه الدولة، فعيِّن القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة في عصره قاضيًا لقضاء الري عام 360هـ بأمر من الصاحب بن عباد وزير مؤيد الدولة البويهي، وهو من الروافض المعتزلة، يقول فيه الذهبي: "وكان شيعيًّا معتزليًّا مبتدعًا" . ويقول المقريزي: "إن مذهب الاعتزال فشا تحت ظل الدولة البويهية في العراق وخراسان وما وراء النهر". وممن برز في هذا العهد: الشريف المرتضى الذي قال عنه الذهبي: "وكان من الأذكياء والأولياء المتبحرين في الكلام والاعتزال والأدب والشعر لكنه إمامي جلد" . وبعد ذلك كاد ينتهي الاعتزال كفكر مستقل إلا ما تبنته منه بعض الفرق كالشيعة وغيرهم .

ثم تأتي مرحلة انحلال وذوبان المعتزلة في التشيع، وقد بدأت تلك المرحلة منذ بدأ التزاوج بين الرفض والاعتزال، ومن الواضح أن الرافضة قد تأثروا بمناهج الفكر الاعتزالي بشكل قوي، فنقلوه وهضموه خاصة في مسائل الصفات والقدر، كذلك في محاولتهم الإيهام 
بتعظيم دور العقل، مع أن أصل مذهبهم يقوم على أمور غير معقولة -كالإمام الغائب الذي ينتظرون رجعته كل ليلة- وكذلك تبني المعتزلة تدريجيًّا فكر الشيعة المنحرف؛ ليضمنوا القوة والاستمرار في ظل دول الرافضة، فذاب الاعتزال في التشيع، وانتهت المعتزلة كفرقة مستقلة منذ ذلك الحين .

الفكر الاعتزالي في العصر الحديث :
انتهت المعتزلة كفرقة -كما ذكرنا- لكن بعض أفكارها بدأت بالظهور مرة أخرى في العصر الحديث في آراء بعض المفكرين في عدة قضايا. ويمكن للباحث من خلال كتابات عديد من الكتاب في بضع العقود الماضية أن يتلمس آثار مدرسة فكرية مميزة ينتمي إليها فكرهؤلاء الكتاب وآراؤهم، يُستدل عليها بوحدة الآراء، وتقارب المفاهيم، وتميُّز بتشابه الموضوعات، وتلاقي المقاصد والغايات . ونجد أن بعض الكتاب والمفكرين في الوقت الحاضر يحاولون إحياء فكر المعتزلة من جديد بعد أن عفا عليه الزمن أو كاد، فألبسوه ثوبًا جديدًا، وأطلقوا عليه أسماء جديدة مثل: العقلانية، التنوير، التجديد، التحرر الفكري، التطور، المعاصرة، التيار الديني المستنير، 

اليسار الإسلامي.
وقد قوّى هذه النزعة التأثر بالفكر الغربي العقلاني المادي، وحاولوا تفسير النصوص الشرعية وَفْق العقل الإنساني، فلجئوا إلى التأويل كما لجأت المعتزلة من قبل، ثم أخذوا يتلمسون في مصادر الفكر الإسلامي ما يدعم تصورهم، فوجدوا في المعتزلة بغيتهم فأنكروا المعجزات المادية، وما تفسير الشيخ محمد عبده لإهلاك أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري الذي حملته الطير الأبابيل إلا من هذا القبيل.

وأهم مبدأ معتزلي سار عليه المتأثرون بالفكر المعتزلي الجدد هو ذاك الذي يزعم أن العقل هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة، حتى لو كانت هذه الحقيقة غيبية شرعية، أي أنهم أخضعوا كل عقيدة وكل فكر للعقل البشري القاصر.
وأخطر ما في هذا الفكر الاعتزالي محاولة تغيير الأحكام الشرعية التي ورد فيها النص اليقيني من الكتاب والسُّنة، مثل عقوبة المرتد، وفرضية الجهاد والحدود، وغير ذلك.. فضلاً عن موضوع الحجاب وتعدد الزوجات، والطلاق والإرث... إلخ. وطلب أصحاب هذا الفكر إعادة النظر في ذلك كله، وتحكيم العقل في هذه المواضيع. ومن الواضح أن هذا العقل الذي يريدون تحكيمه هو عقل متأثر بما يقوله الفكر الغربي حول هذه القضايا في الوقت الحاضر.

ومن دعاة الفكر الاعتزالي الحديث سعد زغلول الذي نادى بنزع الحجاب عن المرأة المصرية، وقاسم أمين مؤلف كتاب تحرير المرأة والمرأة الجديدة، ولطفي السيد الذي أطلقوا عليه "أستاذ الجيل"، وطه حسين الذي أسموه "عميد الأدب العربي"، وهؤلاء كلهم أفضوا إلى ما قدموا. هذا في البلاد العربية. أما في القارة الهندية فظهر السير أحمد خان، الذي منح لقب (سير) من قبل الاستعمار البريطاني، وهو يرى أن القرآن الكريم -لا السنة 
النبوية - هو أساس التشريع، وأحلّ الربا البسيط في المعاملات التجارية، ورفض عقوبة الرجم والحرابة، ونفى شرعية الجهاد لنشر الدين، وهذا الأخير قال به لإرضاء الإنجليز؛ لأنهم عانوا كثيرًا من جهاد المسلمين الهنود لهم. وجاء تلميذه "سيد أمير علي" الذي أحلّ زواج المسلمة بالكتابي، وأحل الاختلاط بين الرجل والمرأة. ومن هؤلاء أيضًا مفكرون علمانيون، لم يُعرف عنهم الالتزام بالإسلام، مثل زكي نجيب محمود صاحب (الوضعية المنطقية)، وهي من الفلسفة الوضعية الحديثة التي تنكر كل أمر غيبي.. فهو يزعم أن الاعتزال جزء من التراث ويجب أن نحيِّيه، وعلى أبناء العصر أن يقفوا موقف المعتزلة من المشكلات القائمة .

المصدر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب

التعريف بالصوفية


الصوفية فرقة تظاهرت بالزهد والبعد عن ملذات الدنيا، وتداخلت طريقتهم مع فلسفات هندية وفارسية ويونانية. قيل: إن تسمية الصوفية جاءت من رجل يقال له صوفة واسمه "الغوث بن مر" ظهر في العصر الجاهلي, وهذا ما ذهب إليه ابن الجوزي.
وذهب البيروني إلى أن الصوفية إنما هي اشتقاق من (سوفيا) اليونانية التي تعني الحكمة, وهذا رأي يدعم موقف القائلين بأن التصوف هو وليد الفلسفة الأفلاطونية. وقيل: الصوفية من الصوف؛ لاشتهارهم بلبسه.

أهم عقائد الصوفية
أ- عقيدتهم في الله :
يعتقد المتصوفة في الله عقائد شتى منها "الحلول" كما هو مذهب الحلاج، ومنها "وحدة الوجود" حيث لا انفصال بين الخالق والمخلوق، وهذه هي العقيدة التي انتشرت منذ القرن الثالث وإلى يومنا هذا، وأطبق عليها أخيرًا كل أعلام التصوف مثل ابن عربي وابن سبعين.

ب- عقيدتهم في الرسول :
هناك عقائد شتى؛ فمنهم من يعتقد أن علماءهم تفوقوا على الأنبياء في العلم والمنزلة, ومنهم من يعتقد أن الرسول محمد  هو قبة الكون وهو الله المستوي على العرش, وأن السموات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خلقت من نوره.

ج- عقيدتهم في الأولياء:
يفضلونهم على الأنبياء, وعامتهم يجعل الولي مساويًا لله في كل صفاته، فهو يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويتصرف في الكون.

د- عقيدتهم في الجنة والنار:
يعتقدون أن طلب الجنة منقصة عظيمة, وأنه لا يجوز للولي أن يسعى إليها, وإنما الطلب عندهم والرغبة في الفناء المزعوم في الله, والاطلاع على الغيب والتصريف في الكون, هذه هي جنة الصوفي. وأما النار فيعتقدون أن الخوف منها لا يليق؛ لأن الخوف طبع العبيد.

هـ- اعتقادهم في إبليس وفرعون:
يعتقد عامة الصوفية أنه أكمل العباد وأفضلهم توحيدًا؛ لأنه لم يسجد إلا لله بزعمهم, وكذلك فرعون عندهم أفضل الموحِّدين لأنه قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات: 24]، فعرف الحقيقة؛ لأن كل موجود -في زعمهم- هو الله.

عبادات الصوفية
يعتقد الصوفية أن الصلاة والصوم والحج والزكاة هي عبادات العوام, وأما هم فيسمون أنفسهم الخاصة؛ لذلك فإنّ لهم عبادات مخصوصة، ويعتقدون أن الله أسقط التكاليف عن خواصهم.

الطرق الصوفية
1- القادرية: تنسب إلى عبد القادر الجيلاني (470-561هـ) المدفون في بغداد، حيث تزوره كل عام جموع كثيرة من أتباعه للتبرك به.

2- الرفاعية: تنسب إلى أحمد الرفاعي من بني رفاعة قبيلة من العرب, والمتوفى سنة 580هـ, وجماعته يستخدمون السيوف والحراب في إثبات الكرامات, انتشرت طريقته في غرب آسيا.

3- الأحمدية: تنسب إلى أحمد البدوي أكبر أولياء مصر عند الصوفية (596-634هـ)، ولد بفاس, حج ورحل إلى العراق, واستقر في طنطا حتى وفاته, له فيها ضريح مقصود, وأتباعه منتشرون في جميع أرجاء مصر ولهم فيها فروع، كالبيومية والشناوية وأولاد نوح والشعبية, وشارتهم العمامة الحمراء.
4- الدسوقية: تنسب إلى إبراهيم الدسوقي (623-676هـ).
5- الأكبرية: تنسب إلى شيخهم الأكبر محيي الدين بن عربي, وتقوم طريقته على الصمت والعزلة والجوع والسهر.
6- الشاذلية: تنسب إلى أبي الحسن الشاذلي (593-656هـ)، ولد بقرية مرسية, وانتقل إلى تونس, انتشرت طريقته في مصر واليمن وبلاد العرب, وفي مراكش وغرب الجزائر وفي شمال إفريقيا وغربها بعامة.
7- البكداشية: كان الأتراك العثمانيون ينتمون إلى هذه الطريقة، وهي ما تزال منتشرة في ألبانيا، كما أنها أقرب إلى التصوف الشيعي منها إلى التصوف السني, وقد كان لهذه الطريقة دور بارز في نشر الإسلام بين الأتراك والمغول, وكان لها سلطان عظيم على الحكام العثمانيين ذاتهم.
8- المولوية: أنشأها الفارسي جلال الدين الرومي المتوفي سنة 672هـ والمدفون بقونية, يتميزون بإدخال الرقص والإيقاعات في حلقات الذكر، وقد انتشروا في تركيا وآسيا الغربية, ولم يبق لهم هذه الأيام إلا بعض التكايا في تركيا وفي حلب, وفي بعض أقطار المشرق. 
9- النقشبندية: تنسب إلى الشيخ بهاء الدين محمد بن محمد البخاري الملقب بشاه بقشبند (618-791هـ) وهي طريقة سهلة كالشاذلية, انتشرت في فارس وبلاد الهند وآسيا الغربية. 
10- الملامتية: مؤسسها أبو صالح حمدون بن أحمد بن عمار المعروف بالقصار توفي سنة 271هـ, وقد ظهر الغلاة منهم في تركيا حديثًا بمظهر الإباحية والاستهتار، وفعل كل أمر دون مراعاة للأوامر والنواهي الشرعية.
11- التيجانية: تنسب إلى أحمد بن محمد بن المختار التيجاني المولود سنة (1150هـ/ 1737م), ونسبته إلى بلدة تسمى (بني توجين) وهي قرية من قرى البربر في المغرب, وينسب نفسه إلى الرسول ، كما هي عادة كل من أسَّس طريقة صوفية.

ادّعى التيجاني أنه خاتم الأولياء جميعًا, و"الغوث الأكبر" في حياته وبعد مماته, وأن أزواج الأولياء منذ آدم وإلى آخر وليٍّ لا يأتيها الفتح والعلم الربّاني إلا بواسطته هو, وأنه أول من يدخل الجنة هو وأصحابه وأتباعه, وأن الرسول أعطاه ذكرًا يسمى صلاة الفاتح، يفضلُ أيَّ ذكرٍ قُرئ في الأرض ستين ألف مرة بما في ذلك القرآن.

وقد ألّف أحد تلاميذه ويُدعى علي حرازم كتابًا في فضل شيخه وكراماته وأخلاقه وأذكاره وأحواله وطريقته، سمّاه "جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التيجاني".

أهم شخصيات الصوفية التاريخية :
1- الحلاج: حسين بن منصور الحلاج, عاش في العصر العباسي, ولد في بلدة الطور قرب مدينة البيضاء في بلاد فارس سنة 857م، وصلب سنة 922م في عهد الخليفة المقتدر بالله؛ لآرائه الشركية. ويعدُّ الحلاج أشهر الحلوليين والاتحاديين.
2- ابن عربي: يلقبه الصوفيون "بالشيخ الأكبر"، ولد سنة (560هـ/ 1165م)، وتوفي سنة (638هـ/ 1240م)، وصاحب مؤلفات عديدة أهمها: روح القدس, الفتوحات المكيّة, نصوص الحكم.
وهو رئيس مدرسة "وحدة الوجود", يعتبر نفسه خاتم الأولياء, ولد بالأندلس, ورحل إلى مصر، وحجّ وزار بغداد, واستقر في دمشق حيث مات ودفن, وله فيها إلى الآن قبر يُزار, وله كتب يقول البعض إنها تصل إلى 400 كتاب ورسالة، فيما يزال بعضها مخطوطًا.
3- أبو يزيد البسطامي المتوفى سنة 243هـ وقيل 261هـ, كان جدُّه مجوسيًّا، وأبوه من أتباع زرادشت, وهو صاحب العبارة الشهيرة (خضنا بحرًا وقف الأنبياء بساحله).
4- ابن الفارض (566- 632هـ): هو أبو حفص عمر بن علي الحموي الأصل، المصري المولد, لقب بشرف الدين, وهو من الغلاة الموغلين في وحدة الوجود.
5- رابعة العدوية.
6- جلال الدين الرومي.

أبرز الشخصيات الصوفية المعاصرة :
1- حازم أبو غزالة مواليد 1933م, يقيم في الأردن ويدير جمعية دار القرآن الكريم التي تأسست سنة 1964م, وقد نشرت صحيفة البلاد الأردنية بتاريخ 30/10/2002م مقابلة مطولة معه، أشار فيها إلى أنه كان يتردد على الزوايا الصوفية في نابلس بفلسطين التي تنحدر منها، وقد درس الشريعة في سوريا, ومن أساتذته عبد القادر عيسى الحلبي، ومحمد الهاشمي التلمساني.
وهو شيخ الطريقة القادرية الشاذلية, وقد ذكر في المقابلة أن أتباعه في العالم يقدرون بعشرة ملايين صوفي في سوريا والعراق وتركيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا ودول المغرب وأمريكا وهولندا والدنمارك وتايلاند... وغيرها, وله أكثر من أربعين كتابًا.
2- علي الجفري: يمني كان يقيم في مصر، ويقيم الآن في السعودية, وله دروس في بعض الفضائيات يجاهر فيها بعقيدته الصوفية، ويقول: إن له مذهبًا صوفيًّا في منطقة حضرموت اليمنية.

الصلة بين التصوف والتشيع :
المطلع على حقيقة مذاهب الصوفية, وعلى حقائق مذاهب التشيع يجد أن الفرقتين تنبعان من أصل واحد تقريبًا, ويهدفان في النهاية إلى غاية واحدة, وثمة أوجه تلاقٍ كثيرة بين التصوف والتشيع؛ مما حدا ببعض العلماء اعتبارهما وجهين لعملة واحدة.

وأهم أوجه التلاقي هي:
1- ادعاء العلوم الخاصة:
حيث يدّعي الشيعة أن عندهم علومًا خاصة, وينسبونها تارة إلى الإمام علي بن أبي طالب , وتارة إلى الأئمة من أولاد علي وفاطمة، ويدّعون أن هؤلاء الأئمة يعلمون الغيب ولا يخطئون ولا ينسون, ولا يستطيع أحد فهم الإسلام إلا على طريقتهم.
 ودرج المتصوفة على المنوال نفسه، حيث احتقروا ما عند المسلمين من علم، وافتخروا بأن لديهم علومًا لا يطلع عليها إلا هم, حيث قالوا: "خضنا بحرًا وقف الأنبياء بساحله"، كناية عن تفوقهم على أنبياء الله. وجعل المتصوفة مصدر علومهم الخاصة التأويل الباطني للقرآن والحديث, حيث يزعمون تارة أنهم تلقوا هذا التأويل من الله, وتارة يزعمون أنه من الملك وأخرى بالإلهام.

2- الإمامة الشيعية والولاية الصوفية:
بني مذهب التشيع على أن الأئمة أناس مختارون من الله لقيادة الأمة, واعتبروهم معصومين، وكذلك الصوفية أخذوا هذه العقائد وأطلقوها على من سموهم بالأولياء، وجعلوهم متصرفين في الكون، وأن مقامهم لا يبلغه الأنبياء والملائكة.

3- القول بأن للدين ظاهرًا وباطنًا:
واتفق الشيعة والصوفية أيضًا على الزعم بأن للدين ظاهرًا وباطنًا: ظاهرًا قالوا يفهمه العامّة، وباطنًا عندهم هو العلم الحقيقي المراد من النص, وهذا لا يفهمه ولا يعلمه إلا الأئمة والأولياء.

4- تقديس القبور وزيارة المشاهد:
الشيعة هم أول من بنى المشاهد على القبور والمساجد عليها في الإسلام، وعظموا قبور أئمتهم, وكذلك جاء المتصوفة فجعلوا أهم مشاعرهم هو زيارة القبور وبناء الأضرحة, والطواف بها والتبرك بأحجارها, والاستغاثة بالأموات.

5- العمل على هدم الدولة الإسلامية:
فكما كان للشيعيَّيْن الطوسي وابن العلقمي الدور الكبير في هدم دولة الخلافة الإسلامية العباسية, كان لبعض أقطاب التصوف الدور البارز في دعم الدول الباطنية كالعبيدية الفاطمية ودولة القرامطة, وعلى رأس هؤلاء الحلاَّج.

أقوال بعض الأئمة والعلماء في الصوفية:
- الإمام الشافعي: أدرك بدايات التصوف وكان أكثر العلماء والأئمة إنكارًا عليهم, وقد كان مما قاله في هذا الصدد: "لو أن رجلاً تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق".

- الإمام أحمد بن حنبل: كان للصوفية بالمرصاد، فقد قال فيما بدأ الحارث المحاسبي يتكلم فيه وهو الوساوس والخطرات.. قال الإمام أحمد: ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون، وحذر من مجالسة الحارث. وقال لصاحبٍ له: لا أرى لك أن تجالسه.

- الإمام ابن الجوزي: كتب كتابًا سماه "تلبيس إبليس"، خصَّ الصوفية بمعظم فصوله، وبيَّن تلبيس الشيطان عليهم ما جعلهم يتخبطون في الظلمات.

- شيخ الإسلام ابن تيمية: كان من أعظم الناس بيانًا لحقيقة التصوف, وتتبعًا لأقوال الزنادقة والملحدين وخاصة ابن عربي والتلمساني وابن سبعين, فتعقب أقوالهم وفضح باطنهم، وحذر الأمة من شرورهم.

وختامًا.. إن التصوف عبر تاريخه الطويل هو انحراف عن منهج الزهد الذي يحضُّ الإسلام سُلوكَ سبيله، والمقترن بالعلم والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونفع الأمة ونشر الدين؛ ولذا رفضه الرسول  من بعض الصحابة, ثم زاد هذا الانحراف عندما اختلط التصوف بالفلسفات الهندية واليونانية والرهبانية النصرانية في العصور المتأخرة، وتفاقم الأمر عندما أصبحت الصوفية تجارة للمشعوذين والدجالين ممَّن قلَّتْ بضاعتهم في العلم، وقصر سعيهم عن الكسب الحلال.

وقد أدرك أعداء الإسلام ذلك، فحاولوا أن يُشوِّهوا الإسلام من الداخل من خلال التصوف، ويقضوا على صفاء عقيدة التوحيد التي يمتاز بها الإسلام، ويجعلوا المسلمين يركنون إلى السلبية؛ حتى لا تقوم لهم قائمة.
  
المصدر: مجلة الراصد الإلكترونية.

التعريف بالدروز


الدروز فرقة باطنية تؤلِّه الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، أخذت جُلّ عقائدها عن الإسماعيلية، وهي تنتسب إلى نشتكين الدرزي. نشأت في مصر لكنها لم تلبث أن هاجرت إلى الشام. عقائدها خليط من عدة أديان وأفكار، كما أنها تؤمن بسرية أفكارها، فلا تنشرها على الناس، ولا تعلمها لأبنائها إلا إذا بلغوا سن الأربعين.

التأسيس وأبرز الشخصيات
* محور العقدية الدرزية هو الخليفة الفاطمي: أبو علي المنصور بن العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي الملقب بالحاكم بأمر الله، ولد سنة 375هـ/ 985م، وقتل سنة 411هـ/ 1021م. كان شاذًّا في فكره وسلوكه وتصرفاته، شديد القسوة والتناقض والحقد على الناس، أكثر من القتل والتعذيب دون أسباب تدعو إلى ذلك.

* المؤسس الفعلي لهذه العقيدة هو: حمزة بن علي بن محمد الزوزني 375هـ/ 430هـ: وهو الذي أعلن سنة 408هـ أن روح الإله قد حلت في الحاكم، ودعا إلى ذلك، وألّف كتب العقائد الدرزية.

* محمد بن إسماعيل الدرزي المعروف بنشتكين، كان مع حمزة في تأسيس عقائد الدروز إلا أنه تسرع في إعلان ألوهية الحاكم سنة 407هـ؛ مما أغضب حمزة عليه وأثار الناس ضده، حيث فرَّ إلى الشام وهناك دعا إلى مذهبه وظهرت الفرقة الدرزية التي ارتبطت باسمه على الرغم من أنهم يلعنونه؛ لأنه خرج عن تعاليم حمزة الذي دبّر لقتله سنة 411هـ.

* الحسين بن حيدرة الفرغاني المعروف بالأخرم أو الأجدع: وهو المبشر بدعوة حمزة بين الناس.

* بهاء الدين أبو الحسن علي بن أحمد السموقي المعروف بالضيف: كان له أكبر الأثر في انتشار المذهب وقت غياب حمزة سنة 411هـ. وقد ألَّف كثيرًا من نشراتهم مثل: رسالة التنبيه والتأنيب والتوبيخ، ورسالة التعنيف والتهجين، وغيرها. وهو الذي أغلق باب الاجتهاد في المذهب؛ حرصًا على بقاء الأصول التي وضعها هو وحمزة والتميمي.

* أبو إبراهيم إسماعيل بن حامد التميمي: صهر حمزة وساعده الأيمن في الدعوة، وهو الذي يليه في المرتبة.

* ومن الزعماء المعاصرين لهذه الفرقة:
- كمال جنبلاط: زعيم سياسي لبناني، أسس الحزب التقدمي الاشتراكي، وقتل سنة 1977م.
- وليد جنبلاط: وهو زعيمهم الحالي وخليفة والده في زعامة الدروز وقيادة الحزب.
- د. نجيب العسراوي: رئيس الرابطة الدرزية بالبرازيل.
- عدنان بشير رشيد: رئيس الرابطة الدرزية في أستراليا.
- سامي مكارم: الذي ساهم مع كمال جنبلاط في عدة تآليف في الدفاع عن الدروز.

الناس في الدرزية على درجات ثلاث:
- العقل: وهم طبقة رجال الدين الدارسين له والحفاظ عليه. وهم ثلاثة أقسام: رؤساء أو عقلاء أو أجاويد، ويسمى رئيسهم شيخ العقل.
- الأجاويد: وهم الذين اطلعوا على تعاليم الدين، والتزموا بها.
- الجهال: وهم عامة الناس.

معتقدات الدروز وأفكارهم
* يعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله، ولما مات قالوا بغيبته وأنه سيرجع.
* ينكرون الأنبياء والرسل جميعًا، ويلقبونهم بالأبالسة.
* يعتقدون بأن المسيح هو داعيتهم حمزة.
* يبغضون جميع أهل الديانات الأخرى والمسلمين منهم بخاصة، ويستبيحون دماءهم وأموالهم وغشهم عند المقدرة.
* يعتقدون بأن ديانتهم نسخت كل ما قبلها، وينكرون جميع أحكام وعبادات الإسلام وأصوله كلها.
* حج بعض كبار مفكريهم المعاصرين إلى الهند، متظاهرين بأن عقيدتهم نابعة من حكمة الهند.
* ولا يكون الإنسان درزيًّا إلا إذا كتب أو تلى الميثاق الخاص.
* يقولون بتناسخ الأرواح، وأن الثواب والعقاب يكون بانتقال الروح من جسد صاحبها إلى جسدٍ أسعد أو أشقى.
* ينكرون الجنة والنار والثواب والعقاب الأخرويَّيْن.
* ينكرون القرآن الكريم ويقولون: إنه من وضع سلمان الفارسي، ولهم مصحف خاص بهم يسمى المنفرد بذاته.
* يرجعون عقائدهم إلى عصور متقدمة جدًّا، ويفتخرون بالانتساب إلى الفرعونية القديمة وإلى حكماء الهند القدامى.
* يبدأ التاريخ عندهم من سنة 408هـ، وهي السنة التي أعلن فيها حمزة ألوهية الحاكم.
* يعتقدون أن القيامة هي رجوع الحاكم الذي سيقودهم إلى هدم الكعبة وسحق المسلمين والنصارى في جميع أنحاء الأرض، وأنهم سيحكمون العالم إلى الأبد، ويفرضون الجزية والذل على المسلمين.
* يعتقدون أن الحاكم أرسل خمسة أنبياء هم: حمزة، وإسماعيل، ومحمد الكلمة، وأبو الخير، وبهاء.
* يحرمون التزاوج مع غيرهم والصدقة عليهم ومساعدتهم، كما يمنعون التعدد وإرجاع المطلقة.
* يحرمون البنات من الميراث.
* لا يعترفون بحرمة الأخت والأخ من الرضاعة.
* لا يقبل الدروز أحدًا في دينهم، ولا يسمحون لأحد بالخروج منه.
* ينقسم المجتمع الدرزي المعاصر -كما هو الحال سابقًا- من الناحية الدينية إلى قسمين:

- الروحانيين: بيدهم أسرار الطائفة وينقسمون إلى: رؤساء، وعقلاء، وأجاويد.
- الجثمانيين: الذين يعتنون بالأمور الدنيوية وهم قسمان: أمراء، وجهال.
* أما من الناحية الاجتماعية فلا يعترفون بالسلطات القائمة، إنما يحكمهم شيخ العقل ونوابه وفق نظام الإقطاع الديني.
* يعتقدون ما يعتقده الفلاسفة من أن إلههم خلق العقل الكلي، وبواسطته وجدت النفس الكلية، وعنها تفرّعت المخلوقات.
* يقولون في الصحابة أقوالاً منكرة، منها قولهم: الفحشاء والمنكر هما (أبو بكر وعمر) رضي الله عنهما.
* التستر والكتمان من أصول معتقداتهم، فهي ليست من باب التقية إنما هي مشروعة في أصول دينهم.
* مناطقهم خالية من المساجد، ويستعيضون عنها بخلوات يجتمعون فيها ولا يسمحون لأحد بدخولها.
* لا يصومون في رمضان ولا يحجون إلى بيت الله الحرام، وإنما يحجون إلى خلوة البياضة في بلدة حاصبية في لبنان، ولا يزورون مسجد الرسول  ولكنهم يزورون الكنيسة المريمية في قرية معلولا بمحافظة دمشق.
* لا يتلقى الدرزي عقيدته ولا يبوحون بها إليه، ولا يكون مكلفًا بتعاليمها إلا إذا بلغ سن الأربعين وهو سن العقل لديهم.
* يصنف الدروز ضمن الفرق الباطنية؛ لإيمانها بالتقية والقول بالباطن وبسرية العقائد.
* تؤمن بالتناسخ، بمعنى أن الإنسان إذا مات فإن روحه تتقمص إنسانًا آخر يولد بعد موت الأول، فإذا مات الثاني تقمصت روحه إنسانًا ثالثًا، وهكذا في مراحل متتابعة للفرد الواحد.
* للأعداد خمسة وسبعة مكانة خاصة في العقيدة الدرزية.

من كتب الدروز:
- لهم رسائل مقدسة تسمى رسائل الحكمة وعددها 111 رسالة، وهي من تأليف حمزة وبهاء الدين والتميمي.
- لهم مصحف يسمى المنفرد بذاته.
- كتاب النقاط والدوائر وينسب إلى حمزة بن علي، ويذهب بعض المؤرخين في نسبته إلى عبد الغفار تقي الدين البعقلي الذي قتل سنة 900هـ.
- ميثاق ولي الزمان: كتبه حمزة بن علي، وهو الذي يؤخذ على الدرزي حين يعرف بعقيدته.
- النقض الخفي: وهو الذي نقض فيه حمزة الشرائع كلها، وخاصة أركان الإسلام الخمسة.
- أضواء على مسلك التوحيد: د. سامي مكارم.

الجذور الفكرية والعقائدية للدروز:
* تأثروا بالباطنية عمومًا وخاصة الباطنية اليونانية متمثلة في أرسطو وأفلاطون وأتباع فيثاغورس، واعتبرهم أسيادهم الروحانيين.
* أخذوا جُلَّ معتقداتهم عن الطائفة الإسماعيلية.
* تأثروا بالدهريين في قولهم بالحياة الأبدية.
* وقد تأثروا بالبوذية في كثير من الأفكار والمعتقدات، كما تأثروا ببعض فلسفة الفرس والهند والفراعنة القدامى.

انتشار الدروز ومواقع نفوذهم :
* يعيش الدروز اليوم في لبنان وسوريا وفلسطين.
* غالبيتهم العظمى في لبنان، ونسبة كبيرة من الموجودين منهم في فلسطين المحتلة قد أخذوا الجنسية الإسرائيلية، وبعضهم يعمل في الجيش الإسرائيلي.
* توجد لهم رابطة في البرازيل، ورابطة في أستراليا، وغيرهما.
* نفوذهم في لبنان الآن قوي جدًّا تحت زعامة وليد جنبلاط، ويمثلهم الحزب الاشتراكي التقدمي، ولهم دور كبير في الحرب اللبنانية، وعداوتهم للمسلمين لا تخفى على أحد.
* ويبلغ عدد المنتمين إليها حوالي 250 ألف نسمة موزعين بين سوريا 121 ألفًا، ولبنان 90 ألفًا، والباقي في فلسطين وبعض دول المهجر.

ويتضح مما سبق:
أن الدروز فرقة باطنية تؤلِّه الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، نشأت في مصر وهاجرت إلى الشام، وينكرون الأنبياء والرسل جميعًا، ويعتقدون أن المسيح هو داعيتهم حمزة، وحسب هذا دليلاً على كفرهم وضلالهم.

المصدر : الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب.