كتبت - نوريهان سيف الدين:
هو ''شحات الغرام'' و''معجزة السماء'' و''ابن للإيجار''، وهو صاحب ''فاطمة وماريكا وراشيل''، يغني للأطفال فيعشقه كل طفل، ويغني للعاشقين ''طير بينا يا قلبي'' فتطير معه قلوب مستمعيه، اليوم يحتفل عشاق المطرب والملحن والممثل والمنتج ''محمد فوزي'' بذكرى وفاته الـ46.
''محمد فوزي حبس عبد العال الحو''، المولود في 28 أغسطس 1918 بإحدى قرى الغربية، ترتيبه ''الـ21'' بين ''25'' أخ وأخت لم يحترف منهم المجال الفني سوى هو وشقيقته ''هدى سلطان''.
تعلم ''الطفل محمد'' الغناء على يد ''رجل مطافئ'' أحد أصدقاء والده، وكان يصاحبه للغناء لأم كلثوم وعبد الوهاب في أفراح القرية ومولد ''السيد البدوي'' بطنطا القريبة من قريتهم.
ينال ''محمد'' الشهادة الابتدائية من ''مدرسة طنطا'' في 1931، ويلتحق بمعهد الموسيقى العربية ''معهد فؤاد
للموسيقى وقتها'' سنة 1938، ولكنه لم يستمر في الدراسة لأكثر من عامين، ويخرج منه ليعمل في ملاهي ''رتيبة وإنصاف رشدي'' ثم ''كازينو بديعة مصابني'' في شارع عماد الدين، ثم يلتحق بفرقة ''فاطمة رشدي'' المسرحية.
يتقدم ''فوزي'' لامتحان الإذاعة كمطرب، إلا أنه يرسب وينجح ''كملحن'' فقط، ويظل في فرقة ''فاطمة رشدي'' كممثل بديل يغني أدوار سيد درويش، ويأتي عام 1944 ويبحث ''يوسف بيك وهبي'' عن وجه جديد يسند له دورا في فيلم ''سيف الجلاد''، وترشح ''فاطمة رشدي'' الشاب ''فوزي'' ليقوم بالدور ويكون أول أدواره السينمائية من إخراج ''محمد نجيب''.
يغير ''فوزي'' اسمه إلى ''محمد فوزي'' فقط، كما يجري ''عملية تجميل'' في شفته العليا، ويصبح وجها سينمائيا ''خفيفا'' مدعوم بموهبة الصوت الجيد واللحن المميز، إلى أن يؤسس شركة ''أفلام محمد فوزي'' عام 1947.
يتربع ''فوزي'' على عرش السينما، وتشاركه البطولة نجمات الأربعينات والخمسينات منهن ''شادية، ليلى مراد، صباح، فايزة أحمد، ليلى فوزي'' وغيرهن، و يشارك مع عشرات النجوم في ''قطار الرحمة'' لزيارة القرى الفقيرة في الصعيد ووجه بحري بعد الثورة، ويقدم لون ''الأغاني الوطنية مثل ''بلدي أحببتك يا بلدي''، كما يلحن ''النشيد الوطني الجزائري''.
تزوج ''فوزي'' ثلاث مرات، الأولى عام 1943 من السيدة ''هداية'' وينجب منها ثلاثة أبناء ''نبيل، سمير، منير''، وينفصل عنها بعد تسع سنوات، ويتزوج للمرة الثانية في 1952 من ''سمراء النيل مديحة يسري'' وينجب منها أيضا ثلاثة أولاد يموت منهم إثنان صغارا، ويبقى ''عمرو'' الذي يتوفى لاحقا، وينفصل عنها بعد سبع سنوات من قصة حب كبيرة، ثم يتزوج من ''كريمة فاتنة المعادي'' عام 1960، وينجب منها ''إيمان'' وتبقى معه حتى وفاته.
ينوع ''فوزي'' في ألحانه، وتتميز بالخفة والحفاظ على رونقها وشبابها حتى يومنا هذا، ويكون ''أول مطرب يغني للأطفال'' مثل ''ماما زمانها جايه'' و''ذهب الليل طلع الفجر''، وأراد أن يكون ''مطرب عالمي''، وكان الأفضل في الغناء والتلحين، إلا أنه وصف حاله في التمثيل قائلا: ''بحس نفسي تقيل قدام الكاميرا''.
يؤكد ''فوزي'' عبقريته عندما أنشأ شركة ''مصرفون'' - أول شركة أسطوانات'' في الشرق الأوسط كله - وتبعها بـ''ستوديو تسجيل'' للأغاني، وتحقق الشركة نجاحا ساحقا بعد استحواذ الشركات الأجنبية على هذا السوق، ويبيع الاسطوانة الواحدة بـ''35 قرشا'' بدلا من ''95 قرشا'' لأسطوانة الشركات الأجنبية، و يتعاقد مع ''أم كلثوم'' و ''عبد الوهاب'' ونجوم الغناء لإنتاج أغاني لهم.
وتأتي الضربة القاسمة في 1961، و''تؤمم الشركة'' ضمن مئات الشركات المصرية الناجحة، ويتحول ''فوزي'' من '' مالك الشركة'' إلى ''مدير بـ 100 جنيه شهريا''، ويتحسر الفنان ويصاب باكتئاب حاد، وتظهر عليه علامات مرض احتار الأطباء في تشخيصه، ويخسر أكثر من ''نصف وزنه'' ويتحول ''لهيكل عظمي'' لا يقوى على الحراك، ويطلق الأطباء الألمان على مرضه الغامض ''مرض محمد فوزي''، ويعرف لاحقا أنه ''سرطان العظام''.
وكغيره من العباقرة ماتوا صغارا، يرحل ''شحات الغرام'' في 20 أكتوبر 1966 عن عمر ''48 سنة''، تاركا 36 فيلما وأكثر من 400 أغنية، و''ابتسامة'' تصالح مع النفس وهو يقول ''أنا عارف إن نصيبي بعدين هيبقى كويس''.