بحث داخل المدونة

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

سن الأربعين .. نظرات وتأملات




إذا كانت كل محطات العمر التي تبدأ من الصفر تحمل معنى مؤثراً، فإن لسن الأربعين ميزة على كل تلك المحطات .
فإذا كان سن العاشرة هو سن التكليف والعشرين بداية الإستقلالية والثلاثين هوسن وضوح الرؤية والخمسين هو سن السباق مع الزمن في تدارك ما فات ، والستين كمال الوعي ، فإن سن الأربعين هومزيج من عشرات الأشياء .

بدايةً الأربعين هوالسن الوحيد الذي خصه الله سبحانه وتعالى في القرآن بدعاء مميز ، قائلاً جل شأنه:
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) الأحقاف

وهو دعاء مؤثر يتضمن الشكرعلى مامضى والدعاء والرجاء لماهو آت والولاء لهذا الدين العظيم ، ترى ما المانع أن نجمع أحبابنا حولنا في الأربعين وندعو بالدعاء السابق ونطلب منهم أن يؤمنوا عليه!؟

في الأربعين يشعر الواحد منا وكأنه على قمة جبل ، ينظرإلى السفح الأول فيرى طفولته وشبابه ويجد أن مذاقهما لايزال في أعماقه ، وينظر إلى السفح الآخر فيجد ما تبقى من مراحل عمره ويدرك كم هوقريب منها ، أنه العمر الذي يكون الإنسان قادر فيه على أن يفهم كل الفئات العمرية ويعايشها ويتحدث بمشاعرها .

في الأربعين يبدأ الشيب إن لم يكن قد بدأ سابقاً ، ويبدأ كذلك ضعف البصر فيقبل كل منا على لبس نظارة القراءة وتصبح جزء من محمولاته اليومية ، وفي الأربعين يلتفت لنا من هم في الستين ليقولوا لنا : يابختكم مازلتم شباب ،فنستغرب ونفرح بذلك .

في الأربعين تبدأ أزمة منتصف العمر ، يبدأ السؤال القاسي بالظهور بينك وبين ذاتك .. ماذا أنجزت في عملك ، لأسرتك ، في حياتك ، في علاقتك مع ربك ؟؟ إنه سؤال يهز القلوب ويشغل التفكير ، المشكلة أن الأيام مرت أسرع مما توقعنا !! . فأثناء طفولتنا كنا ننظر لمن هم في الأربعين على أنهم شبعوا من دنياهم ، أما اليوم وحين بلغنا هذا السن فنرى أننا لم نحقق الكثير مما وضعناه لأنفسنا في أول أولوياتنا وأن السنين تجري بنا ولاتعطينا فرصة لكي نصنع مانريد .

في الأربعين ندرك القيمة الحقيقية للأشياء الرائعة التي تحيط بنا ، ننظر إلى والدينا فنشعرأنهما كنز وعلينا أن نحافظ عليه وأن نؤدي حقه ، وإلى أبنائنا فنراهم قد أصبحوا كإخوان لنا ينتظرون صحبتنا ، ننظرإلى الأخوان والأصحاب فنشعر بسرور غامر لوجودهم حولنا ، كما ننظر إلى أخطائنا وتقصيرنا فنرى أنها لا تليق بمن هو في هذا السن والذي يفترض فيه أن يكون الإنسان حكيماً متزناً .

في الأربعين يبدأ الحصاد ، نشعرحقيقةً أننا كنا كمن يجري ويجري واليوم بدأ يخفف من جريه ويلتفت إلى لوحة النتائج ليقرأ ملامحها الأولية  وهويعلم أن النتائج النهائية لم تحسم بعد ، إلا أن التغيير بعد الأربعين ليس بسهولة ما قبلها.. 

الأربعين هي سن النبوة ، كانت قبلها الإرهاصات والخلوات والرؤى تهيئ النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه لتحمل تكاليف النبوة ومشاقها ، وكان قبلها حسن سير رسولنا وخلقه وسيرته العطرة ، ولكن النبوة بدأت في الأربعين لأنه السن الذي يبدأ بعده الإنسان بنفع من حوله ،، فهل وعينا كل ذلك !؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقاتكم موضع إهتمامنا دائما , شكرا لكم