بحث داخل المدونة

‏إظهار الرسائل ذات التسميات الشـــأن الديني. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الشـــأن الديني. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 31 يوليو 2013

ماذا قال الرسول محمد (ص) في شأن الإحتفال بالعيد؟



رخص النبي محمد صلي الله عليه وسلم  للمسلمين في هذا اليوم إظهار السرور وتأكيده، بالغناء والضرب بالدف واللعب واللهو المباح، بل إن من الأحاديث ما يفيد أن إظهار هذا السرور في الأعياد شعيرة من شعائر هذا الدين، ولهذا فقد رُوي عن عِياض الأشعريّ أنه شهد عيدًا بالأنبار فقال: ما لي أراكم لا تُقلِّسون، فقد كانوا في زمان رسول الله يفعلونه. والتقليس: هو الضرب بالدف والغناء.

ورُوي عن عائشة قالت: إن أبا بكر دخل عليها والنبي عندها في يوم فطر أو أضحى، وعندها جاريتان تغنيان بما تَقاوَلَت به الأنصار في يوم حرب بُعاث، فقال أبو بكر: أمزمار الشيطان عند رسول الله! فقال النبي: "دَعْهما يا أبا بكر؛ فإن لكل قوم عيدًا، وإن عيدنا هذا اليوم". أخرجه البخاري في العيدين، باب سنة العيدين لأهل الإسلام (952). ومسلم في العيدين، باب الرخصة في اللعب، الذي لا معصية فيه أيّام العيد (892).

يوم العيد يوم فرح وسعة، فعن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نعلب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحي، ويوم الفطر».

التهنئة بالعيد ثابتة عن الصحابة رضي الله عنهم، ولم تثبت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديث صحيح، وأما عن الصحابة فعن جبير بن نفير قال كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: «تقبل منا ومنك».

وروي أيضا "أن النبي صلي الله عليه وآله قال في جمعة من الجمع : إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين، فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه، وعليكم بالسواك. " رواه ابن ماجه. ويستحب أن يتنظف، ويلبس أحسن ما يجد، ويتطيب، ويتسوك.

الاثنين، 29 يوليو 2013

شرح مصارف الزكاة



مصارف الزكاة ثمانية أصناف محصورة في قول القرآن "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم " سورة التوبة آية 60 وهم :

الفقراء: والفقير هو من لا يجد كفايته من الطعام والشراب والملبس والمسكن والتعليم والصحة .. ومن السهل جدا أن تجد كثيرا من الفقراء في مصر فهم يمثلون حوالي 40% من سكان مصر وهم يعانون الفقر المدجع.

المساكين: هم المسلمون الذين أوفر حظا بقليل من الفقراء .. فهم يجدون حاجتهم حينا ولا ييجدون هذه الإحتياجات والمتطلبات أحيانا كثيرة أخري .. وهم قد يجدوا القليل من الطعام ولكنهم لا يجدوا العلاج إذا مرض أحدهم ويتعرضون للمهانة علي أبواب المستشفيات الحكومية ويتعرضون للموت علي أبواب المستشفيات الخاصة التي ترفض علاجهم بسبب عدم قدرتهم علي دفع قيمة العلاج المغالي فيه .. لذلك شرعت الزكاة لهم كي تسد إحتياجاتهم التي يعجزون عن إشباعها.

العاملين عليها: وهم فئة العمال والموظفين والمحاسبين وعلماء الدين القائمين على شأن الزكاة حيث أن الزكاة إدارة متكاملة تحتاج لهؤلا ء العاملين لإدارة أموال الزكاة علي النحو الذي يحقق الهدف منها والذي شرعة الشارع الكريم مقابل نصيب من هذه الأموال مكافأة لهم علي القيام بهذا العمل الجليل. 
تطبيقه والتفرغ التام له، ومن ثم أجاز الشارع الحكيم لهؤلاء العاملين عليها أن يؤجروا منها أي الزكاة.

المؤلفة قلوبهم: وهم من يريد الإسلام أن يستميلهم، أو على الأقل أن يكفوا آذاهم عن المسلمين.

في الرقاب: وهم العبيد والإماء الذين أتفقوا مع من يملكونهم كتابة علي أن يتم تحريرهم نظير مبلغ معين من المال .. فالزكاة بالنسبة لهؤلا ( في الرقاب ) تساعدهم علي نيل حرياتهم .. والحرية بالنسبة لفاقدها شيء عزيز يسعي إليه بكافة السبل .. وقد شرع الله العليم الحكيم هذا النصيب من الزكاة لمن في الرقاب حتي يستطيعوا الفكاك من أسر العبودية وهناك فلسفة أخري لهذا التشريع ألا وهو التخلص من العبودية في المجتمع الإسلامي علي نحو التدريجي كما فعل سبحانه في منع الخمر.
  
الغارمين: هم فئة المدينين الذين تراكمت عليهم الديون بسبب لا دخل لهم فيه مثل الكوارث والحروب والمجاعات .. وهذا النصيب من الزكاة قد يساعدهم علي الوفاء بديونهم .. وفي رأي أن المدينين الذين أفلسوا بالغش والتدليس ليس هم من شرع لهم هذا التشريع الإلهي لأنهم غشاشون مدلسين أكلوا أموال الناس بالباطل فلا يحق لهم في أموال الزكاة شيئا بل هم سوف يلقون آثامهم في الدنيا وفي الآخرة عذابا وبأس المصير. 

في سبيل الله: وهم المحاربون المتطوعون الذين يدافعون عن دينهم وأوطانهم ويحرم علي أي إنسان قائم بعمل خيري أن يأخذ من أموال الزكاة شيئا ويندرج تحت هذا التحريم كافة الجمعيات الخيرية والروابط الفئوية وبالتالي لا يجوز صرف أموال الزكاة في نشاطاتها ونفقاتها. والفتوى بخلاف ذلك غلط فاحش يحرم العمل بها لمخالفتها نص القرءان وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأئمة المجتهدين وأقوالهم.نقل ابن هبيرة الحنبلي الإجماع على ذلك  وقال مالك في المدونة (2/59) :"لا يجزئه أن يُعطي من زكاته في كفن ميت" لأن الصدقة إنما هي للفقراء والمساكين ومن سماهم الله علي نحو الحصر والقصر ه وليس للأموات ولا لبناء المساجد.

ابن السبيل: هو المسافر الذي إنقطعت به السبل وفقد ماله في بلد غريب من بلاد المسلمين .. فهذا شرع له أخذ نصيب من الزكاة ليعينه في غربته علي شظف العيش.

الأحد، 14 يوليو 2013

من أخلاق الرسول (ص): يجير ويعفو حتي علي المشركين


كتب- عبد المنعم الخن
 أنه محمد بن عبد الله الرسول ألذي أرسله الله رحمة للعالمين , أنه الحبيب المصطفي الذي أرسي قواعد المحبة والتسامح حتي مع المشركين حينما عفي عن عشرة آلاف منهم يوم الفتح العظيم وهم الذين أذوه المسلمين وإستولوا علي أموالهم وهجّروهم من ديارهم.

 أنه الرسول الكريم الذي حافظ علي حرمة الدماء أن تراق أو تسال عندما تحلل من عمرته قبل أن يؤديها وتحلل المسلمون أصحابه حفاظا علي حرمة الدم ورجعوا إلي المدينة دون أن يعتمروا , ووافق عي صلح الحديبية وقبل به رغم ما فيه من بنود متشددة من قبل المشركين , كل ذلك تقديسا من سيدنا وحبيبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم , حفاظا علي دم المسلمين  الذي هو أعلي مرتبه وأكثر قدرا من حرمة الكعبة , وإليكم هذه الواقعة الصحيحة والتي روتها أم هاني إبنة أبي طالب في صحيح البخاري وسوف تجدون كم كان الرسول كريما حتي مع المشركين.

المحدث هي فاختة بنت أبي طالب وقيل هي هند بنت أبي طالب هي بنت عم رسول الله واسمها الكامل فاختة ابنة أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي. أمها فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي تزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي ولدت له جعدة بن هبيرة وأطعمها رسول الله في خيبر أربعين وسقا.

ذهبتُ إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الفتحِ، فوجَدْتُهُ يغتَسِلُ، وفاطمَةُ ابنَتُهُ تَستُرُهُ، فسلَّمتُ عليه، فقال : ( من هذه ) . فقُلْت : أنا أُمُّ هانئٍ بنتُ أبي طالِبٍ، فقال: (مَرحبًا بأُمِّ هانئٍ) . فلما فَرَغ من غُسلِهِ قام فصلَّى ثَمانيَ ركعاتٍ، مُلتَحِفًا في ثوبٍ واحدٍ، فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، زَعَم ابنُ أُمِّي،علي،أنه قاتِلٌ رجلًا قد أجَرْتُهُ، فُلانَ ابنَ هُبَيْرَةَ،. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (قدْ أجَرْنا من أجَرْتِ يا أُمَّ هانئٍ). قالت أُمُّ هانيٍ: وذاك ضُحًى .

الراوي: أم هانئ بنت أبي طالب المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3171
خلاصة حكم المحدث: [صحيح].

نبذة عن حياة أم هاني:
إنها ابنة عم النبي ، َتَرَّبتْ معه في بيت أبيها أبي طالب، فكانت تُكِنّ له المودة التامة والحب الكثير، وكانت قبل إسلامها تدفع عنه أذى المشركين، وتنصره في كل تحركاته في سبيل اللَّه، وكان يصل فيها رحمه؛ فكان يزورها ويطمئن عليها.

وقيل : إن أم هانئ لما بانت ( أي صارت محرمة علي زوجها ) عن هُبيرة بإسلامها ، خطبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فقالت : إني امرأةٌ مصبية ( أي ذات صبيان ) فسكت عنها . 

الجمعة، 5 يوليو 2013

ماذا قال الإمام حسن البصري لينجوا من غضب الحجاج ؟‏

-->

لقد بنى الحجاج بن يوسف الثقفي قصراً ودعى الناس للفرجة وللتفاخر به فأغتنم الحسن البصري الفرصة ليعظ الناس ويذكّرهم ويزهدهم بعرض الدنيا  فوقف فيهم خطيباً وقال : لقد نظرنا فيما ابتنى أخبث الأخبثين فوجدنا أن فرعون شيد أعظم مما شيّد وبنى أعلى مما بنى ثم أهلك الله فرعون وأتى على ما بنى وشيّد, ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه وأن أهل الأرض قد غرّوه . 

وفي اليوم التالي دخل الحجاج إلى مجلسه وهو يتميّز من الغيظ وقال لجلسائه تَبَّاً لكم وسُحقاً . يقوم عبد من عبيد أهل البصرة ويقول فينا ما شاء أن يقول ثم لا يجد فيكم من يرده أو ينكر عليه  والله لأسـقينكم من دمه يا معشر الجبناء . ثم أمر بالسيف والنطع ثم أمر بإحضار الحسن البصري .

فحضر الحسن ، فلما رأى السيف والنطع والجلاّد حرّك شفتيه ثم أقبل على الحجاج وعليه جلال المؤمن وعزة المسلم ووقار الداعية إلى الله فلما رآه الحجاج هابه أشـد الهيبة وقال له هاهنا يا أبا سعيد  ها هنا يا أبا سعيد  والناس ينظرون في دهشة واستغراب حتى أجلسه على فراشه وأخذ يسأله عن أمور الدين والحسن البصري يجيبه ، فقال له الحجاج أنت سيد العلماء يا أبا سعيد ، ثم دعا بطيب وطيب لحيته وودعه . 

ولما خرج الحسن من عنده ، تبعه حاجب الحجاج وقال له : ـيا أبا سعيد لقد دعاك الحجاج لغير ما فعل بك ، وإني رأيتك قد حركت شـفتيك عندما أقبلت عليه فماذا قلت فقال الحسن لقد قلت : يا وليّ نعمتي وملاذي عند كربتي إجعل نقمته برداً وسلاماً عليّْ كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم عليه السلام .
-->

الثلاثاء، 2 يوليو 2013

السيرة العطرة للرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام


السيرة العطرة للرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام

اسمه 
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة وأمه آمنة بنت وهب بن 

عبد مناف بن زهرة بن كلاب ابن مرة. 

حمله 
كانت آمنة تقول ما شعرت أني حملت ولا وجدت له ثقلاً كما يجد النساء، إلا أني قد أنكرت رفع حيضتي. 

مولده 
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين الموافق 10 من ربيع الأول وكان قدوم أصحاب الفيل. 

أسماؤه 
محمد واحمد والماحي (يمحو به الكفر) والحاشر (يقدم الناس بالحشر) والعاقب (آخر الأنبياء)، ونبي الرحمة، 
ونبي التوبة، ونبي الملاحم (الحروب)، والمقفي (بمعنى العاقب) والشاهد، والمبشر، والنذير، والضحوك 
والقتال، والمتوكل، والفاتح، والأمين، والخاتم، والمصطفى، والرسول، والنبي، والأمي، والقثم (المعطاء للخير). 

مرضعاته 
أول من أرضعه "ثوبية" بلبن ابن لها "مسروح" أياماً قبل أن تقدم حليمة .. وكانت قد أرضعت قبله حمزة 
رضي الله عنه، ثم جاءت حليمة السعدية وأخذته عندها لرضاعته. 

وفاة والده 
خرج والد عبد الله إلى الشام في تجارة مع جماعة من قريش، فلما رجعوا مروا بالمدينة وعبد الله مريض، 
فقال أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار، فأقام عندهم مريضاً شهراً ثم توفى بالمدينة وعمره 25 سنة، 
وكان ميراثه خمسة أجمال وقطعة غنم فورث ذلك رسول الله وكانت أم أيمن تحضنه واسمها بركة. 

وفاة والدته 
ذهبت أمه به إلى المدينة وعمره ست سنين إلى أخواله بني النجار تزورهم ومعها أم أيمن تحضنه فأقامت 
عندهم شهراً ثم رجعت فتوفيت "بالأبواء" 
ولهذا فإنه في عمرة الحديبية قال رسول الله "إن الله قد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه" 
فأتاه فأصلحه وبكى عنده، وبكى المسلمون لبكائه، فقيل له في ذلك فقال أدركتني رحمتها فبكيت. 

صفاته 
كان رسول الله ربعة ليس بالطويل ولا القصير وليس بالآم ولا شديد البياض، رجل الشعر ليس بالسبط ولا 
الجعد يضرب شعره منكبيه. قال أنيس ما مسست حريراً ألين من كف رسول الله، عظيم الفم طويل شق العين، 
مدور الوجه أبيض يميل إلى الاحمرار، شديد سواد العين، غليظ الأصابع واسع الجبين، خشن اللحية، سهل 
الخدين، عريض الصدر، أشعر الذراعين والمنكبين، طويل الزندين.

أولاده 
أول من ولد له القاسم ثم زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم ثم ولد له في الإسلام عبد الله وأمهم جميعاً 
خديجة وأول من مات من ولده القاسم ثم عبد الله. كما ورزق إبراهيم من مارية القبطية إلا أنه توفى وعمره 
ستة عشرة شهراً. 

من معجزاته 
ـ القرآن الكريم. 
ـ الإسراء والمعراج. 
ـ حنين جذع النخلة. 
ـ تفجير الماء من بين أصابعه. 
ـ الإخبار بالأمور الغيبية. 
ـ تسليم الحجر والشجر عليه. 
ـ الأخبار بالأمور المستقبلية.
ـ انشقاق القمر. 
ـ تكثير الطعام والشراب ببركته. 
ـ علاجه لأمراض الصحابة بدعائه ومسحه بيده. 
ـ الاستجابة لدعائه. 
ـ قتال الملائكة معه. 
ـ وقد ذكر الشيخ عبد العزيز السلمان في كتابه من معجزات الرسول 194 معجزة يمكنهم الرجوع إليها. 

زوجاته 
خديجة بنت خويلد 
كانت متزوجة من اثنين قبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي أول من أسلم، ولقد سلم الله عليها عن طريق 
جبريل، ولم يتزوج النبي عليها حتى ماتت، ومكث معها 24 سنة وأشهر، وكان وفياً لها بعد موتها يبر 
أصدقاءها ويكثر من الدعاء لها والاستغفار لها كلما ذكرها.

عائشة بنت أبي بكر الصديق 
رآها النبي في المنام قبل أن يتزوجها مرتين، وتزوجها وهي بنت سبع سنين وزفت إليه وهي بنت تسع سنين 
وتوفى عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة، وكان يلعب معها ويقبلها وهو صائم، ويدعو لها، وقالت أنها فضلت 
على نساء النبي بعشر: أنه لم ينكح بكراً غيرها ولم ينكح امرأة أبواها مؤمنين مهاجرين غيرها، وأنزل الله 
براءتها من السماء، وجاء جبريل بصورتها في حريره، وكانت تغتسل مع النبي في إناء واحد، وكان ينزل 
عليه الوحي وهو معها، وقبض وهو بين سحرها ومات في الليلة التي كان الدور عليها فيها ودفن في بيتها. 
حفظة بنت عمر بن الخطاب 
وقد عرضها والدها على أبي بكر حتى يتزوجها فلم يحبه وكذلك على عثمان فلم يحبه فلبث ليالي ثم خطبها 
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال أبو بكر لعمر فإنه لم يمنعني من خطبتها إلا أني سمعت رسول الله يذكرها 
ولم أكن لأفشي سر رسول الله، وقد طلقها النبي ثم راجعها، وقد توفيت سنة 41 هـ وقد بلغت 60 سنة.

زينب بنت جحش 
تزوجها النبي وعمرها 35 سنة، سنة 3 هجرية وكان قد استخار بها ربه فقال تعالى: (وتخفي في نفسك ما الله 
مبديه) فكانت زينب تفخر على أزواج النبي وتقول زوجكن أهلوكن وزوجني الله تعالى وكانت تقية وصادقة 
الحديث وتكثر من صلة الرحم وتكثر من الصدقة، وتوفيت سنة 20 هـ وصلى عليها عمر بن الخطاب. 

"أم حبيبة" صفية بنت أبي العاص 
هاجرت إلى الحبشة مع زوجها فتنصر زوجها ومات، فتزوجها النبي وهي بأرض الحبشة وأرسل للنجاشي 
رسول الله وأصدقها النجاشي 400 دينار عن رسول الله وأرسلها النجاشي مع شرحبيل في سنة 9 هـ. وتوفيت 
سنة 44 هـ. 

زينب بنت خزيمة 
وتسمى أم المساكين لأنها كثيراً ما تطعم المساكين. وتوفيت ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم حي وقد مكثت 
عند رسول الله ثمانية أشهر. 

ميمونة بنت الحارث 
وهبت نفسها للنبي، قال تعالى: (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك 
من دون المؤمنين) وتزوجها حين اعتمر بمكة وتوفيت سنة 61 هـ. 

جويرية بنت الحارث 
تزوجها النبي بعد ما اعتقها حيث كانت من سبايا بني المصطلق، ولقد اعتق الله لها مائة أهل بيت من بني 
المصطلق فكانت أعظم بركة على قومها وتوفيت سنة 50 هـ. 

صفية بنت حيي 
وكان أبوها سيد بني النضير وجعل رسول الله عتقها صداقها، وقد دخل عليها رسول الله وهي تبكي فقالت له 
حفصة وعائشة ينالان مني، يقولان نحن خير منك نحن بنات عم رسول الله، فقال لها النبي ألا قلت لهن كيف 
تكن خيراً مني وأبي هارون، وعمي موسى وزوجي محمد، وتوفيت سنة 50 هـ. 

سودة بنت زمعة 
تزوجها النبي في السنة العاشرة ولما أسنت هم بطلاقها فقالت له لا تطلقني وأنت في حل مني، فأنا أريد أن 
أحشر في أزواجك وإني قد وهبت يومي لعائشة فأمسكها رسول الله حتى توفى عنها وتوفيت في آخر خلافة عمر
عام الفيل
إن الله تعالى يخلق ما يشاء ويختار{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَار}(القصص:68) خلق الإنسان وفضل بعضه 
على بعض، وخلق الزمان وفضل بعضه على بعض، وخلق المكان وفضل بعضه على بعض، ومن الأماكن التي 
اختارها سبحانه وفضلها على سائر بقاع الأرض، مكة المكرمة، التي فيها البيت العتيق، وهو أول بيت وضع 
للناس، وقد حرسه الله وحماه وأحاطه برعايته ورد عنه كيد المجرمين، ومن ذلك حادثة الفيل المشهورة التي 
سجل الله وقائعها في القرآن الكريم فما خبر هذه الواقعة ؟ هذا ما سنقف عليه في هذه الأسطر :
ذكرت كُتب السيرة أن أبرهة الحبشي كان نائباً للنجاشي على اليمن، فرأى العرب يحجون إلى الكعبة، 
ويعظمونها، فلم يرق له ذلك، وأراد أن يصرف الناس عنها، فبني كنيسة كبيرة بصنعاء ، ليحج الناس إليها 
بدلاً من الكعبة، فلما سمع بذلك رجل من بني كنانة دخل الكنيسة ليلاً، فبال وتغوط فيها ، فلما علم أبرهة بذلك 
سأل عن الفاعل فقيل له، صنع هذا رجل من العرب من أهل البيت الذي تحج العرب إليه بمكة ، فغضب أبرهة 
وحلف أن يذهب إلى مكة ليهدمها، فجهَّز جيشاً كبيرا، وأنطلق قاصداً البيت العتيق يريد هدمه، وكان من جملة 
دوابهم التي يركبون عليها الفيل-الذي لا تعرفه العرب بأرضها- فأصاب العرب خوفٌ شديد،ٌولم يجد أبرهة في 
طريقه إلا مقاومة يسيرة من بعض القبائل العربية التي تعظم البيت، أما أهل مكة فقد تحصنوا في الجبال ولم يقاوموه.
وجاء عبد المطلب يطلب إبلاً له أخذها جيش أبرهة، فقال له أبرهة: كنتَ قد أعجبتني حين رأيتُك، ثم قد زهدت 
فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أخذتها منك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك، قد جئتُ لهدمه، لا 
تكلمني فيه ! قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت 
رباً يحميه، 
فقال أبرهة: ما كان ليمتنع مني 
قال عبد المطلب :أنت وذاك.وأنشد يقول: لاهُمَّ إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك لايغلبنَّ صليبهم ومحالهم غدواً 
محالك إن كنتَ تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك 
فلما أصبح أبرهة عبأ جيشه، وهيأَ فيله لدخول مكة ، فلما كان في وادي محسر-بين مزدلفة ومنى- برك الفيل، 
وامتنع عن التقدم نحو مكة ، وكانوا إذا وجهوه إلى الجنوب، أو الشمال ، أو الشرق، انقاد لذلك، وإذا وجهوه 
للكعبة برك وامتنع، وبينما هم على هذه الحالة ، إذ أرسل الله عليهم طيراً أبابيل (ومعنى أبابيل يتبع بعضها 
بعضاً) مع كل طائر ثلاثة أحجار، حجر في منقاره وحجران في رجليه، لا تصيب منهم أحداً إلا تقطعت أعضاؤه ، وهلك. 
أما أبرهة فقد أصابه الله بداء، تساقطت بسببه أنامله، فلم يصل إلى صنعاء إلا وهو مثل فرخ الحمام، وانصدع 
صدره عن قلبه فهلك شر هلكة. وقد أخبر الله تعالى بذلك في كتابه فقال:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ. 
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُول.} 
(سورة الفيل)
وقد حدثت هذه الواقعة في شهر المحرم قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين يوما تقريبا .وهو يوافق فبراير سنة 571م.
ووقعت في ظروف ساعدت على وصول خبرها إلى معظم أرجاء المعمورة المتحضرة في ذلك الزمن ، فالحبشة 
كانت ذات صلة قوية بالرومان ، والفرس لهم بالمرصاد يترقبون ما ينزل بهم وبحلفائهم، وهاتان الدولتان 
كانتا تمثلان العالم المتحضر في ذلك الزمان. فلفتت هذه الواقعة أنظار العالم إلى شرف هذا البيت ومكانته، 
وأنه هو البيت الذي اصطفاه الله تعالى للتقديس.
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا قَالَ أُنْزِلَ عَلَى 
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ إِلَى 
الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه البخاري
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَبُ وَأَبُو بَكْرٍ رَدِيفُهُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُعْرَفُ فِي الطَّرِيقِ 
 إِلَى الشَّامِ وَكَانَ يَمُرُّ بِالْقَوْمِ فَيَقُولُونَ مَنْ هَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ هَادٍ يَهْدِينِي فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ 
الْمَدِينَةِ بَعَثَ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنَ الانْصَارِ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ وَأَصْحَابِهِ فَخَرَجُوا إِلَيْهِمَا فَقَالُوا ادْخُلا آمِنَيْنِ 
مُطَاعَيْنِ فَدَخَلا قَالَ أَنَسٌ فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ أَنْوَرَ وَلا أَحْسَنَ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 
وَأَبُو بَكْرٍ الْمَدِينَةَ وَشَهِدْتُ وَفَاتَهُ فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ أَظْلَمَ وَلا أَقْبَحَ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ. رواه أحمد
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم 
أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلا بِالْقَصِيرِ وَلَيْسَ بِالابْيَضِ 
الامْهَقِ وَلَيْسَ بِالْآدَمِ وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلا بِالسَّبْطِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ 
وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ. رواه البخاري
حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ وَاللَّفْظُ لأبِي غَسَّانَ وَابْنِ الْمُثَنَّى قَالا 
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ 
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ أَلا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا 
عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلالٌ وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ 
دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ 
الارْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَالَ إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا 
لا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلْتُ رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً 
قَالَ اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ وَقَاتِلْ بِمَنْ 
أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ قَالَ وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي 
قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ قَالَ وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ الضَّعِيفُ الَّذِي لا زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا 
يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلا مَالًا وَالْخَائِنُ الَّذِي لا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلا خَانَهُ وَرَجُلٌ لا يُصْبِحُ وَلا يُمْسِي إِلا وَهُوَ 
يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوِ الْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو غَسَّانَ فِي حَدِيثِهِ وَأَنْفِقْ 
فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ و حَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ 
يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلالٌ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ 
صَاحِبِ الدَّسْتَوَائِيِّ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ ذَاتَ يَوْمٍ .
وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ يَحْيَى قَالَ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ و حَدَّثَنِي أَبُو 
عَمَّارٍ حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مَطَرٍ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ 
الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبًا 
فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ وَزَادَ فِيهِ وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى 
لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ وَهُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْغُونَ أَهْلًا وَلا مَالًا فَقُلْتُ فَيَكُونُ 
ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْعَى عَلَى الْحَيِّ مَا بِهِ إِلا وَلِيدَتُهُمْ يَطَؤُهَا. رواه مسلم
حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ 
وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلِي وَمَثَلُ الانْبِيَاءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَالْجَنَادِبُ يَقَعْنَ فِيهَا قَالَ وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا قَالَ 
وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي. رواه أحمد
حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ 
وَأَرْبَعِينَ فَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا وَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. رواه أحمد
وحَدَّثَنِي ابْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ سَأَلْتُ 
ابْنَ عَبَّاسٍ كَمْ أَتَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ فَقَالَ مَا كُنْتُ أَحْسِبُ مِثْلَكَ مِنْ قَوْمِهِ يَخْفَى عَلَيْهِ 
ذَاكَ قَالَ قُلْتُ إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ النَّاسَ فَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ قَوْلَكَ فِيهِ قَالَ أَتَحْسُبُ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَمْسِكْ 
أَرْبَعِينَ بُعِثَ لَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ يَأْمَنُ وَيَخَافُ وَعَشْرَ مِنْ مُهَاجَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا 
شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ. رواه مسلم
حياته قبل البعثة
الثمرة الطيبة لا تخرج من شجرة خبيثة الأصل، والبناء الشامخ لا بد له من أساس متين، ونبيٍّ يراد له أن 
يحمل هداية الله إلى العالمين حتى قيام الساعة، لا بد أن تتعهده رعاية الله وتوجيهه حتى يؤهل للقيام بهذه 
المهمة الجليلة. ولا شك أن شرف نسبه وأسرته (صلى الله عليه وسلم) ورعاية الله له في مولده ورضاعته، 
وتعهده به صلى الله عليه وسلم، في طفولته وصباه، ثم الكيفية التي قضى بها النبي الكريم حياته من الشباب 
إلى البعثة، لا شك أن ذلك كله كان تقديمًا رائعًا لبعثة نبيٍّ عظيم.
نسبه وأسرته (صلى الله عليه وسلم)
اصطفى الله سبحانه وتعالى نبيه (صلى الله عليه وسلم) من أزكى ولد إسماعيل نسبًا، وشرف النسب لا يمنح 
الرجل الخامل ذكرًا أو شرفًا، لكن اجتماعه لمن اتصف بحميد الخلق، واكتسى بالهيبة، وتزين بالعقل والحلم، 
يزيده قدرًا وشرفًا ورفعة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو: مُحَمّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، 
وينقسم نسبه -صلى الله عليه وسلم- إلى ثلاثة أجزاء: 
الجزء الأول إلى عدنان 
الجزء الثانى إلى إبراهيم (عليه السلام) 
الجزء الثالث إلى آدم (عليه السلام)
وقد اتفق على صحة الجزء الأول لكن اختلف في الجزئين التاليين، أما أمه (صلى الله عليه وسلم) فهي: السيدة آمنة بنت وهب. 

الجزء الأول 
مُحَمّد بن عبد الله بن عبد المطلب وأسمه شيبة بن هاشم وأسمه عمرو بن عبد مناة وأسمه المغيرة (بن قصي 
وأسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة بن 
مالك بن النضر وأسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة وأسمه عامر بن إلياس بن مضر بن مضر بن نزار 
بن معد بن عدنان وهذا الجزء هو الذي اتفق على صحته أهل السير والأنساب).
مولده ورضاعته (صلى الله عليه وسلم) 

آمنة 
هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب -أم رسول الله-، وأفضل امرأة في قريش يومئذ نسبًا 
وموضعًا، أما أبوها فسيد بنى زهرة نسبًا وشرفًا. تزوجت آمنة من عبد الله بن عبد المطلب، فلما حملت به 
رأت أنه خرج منها نور أضاءت به قصور الشام، ثم تأيمت وجنينها بعد لم ير النور، ووضعته فكان خير من 
وضعت امرأة إلى قيام الساعة، وقد توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة وهى في طريق عودتها إلى مكة بعد أن 
زارت بمُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) وهو ابن ست سنين أخواله من بنى عدى بن النجار. وبنو عدى بن النجار 
أخوال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأن منهم سلمى بنت عمرو النجارية زوجة هاشم وأم عبد المطلب جد 
رسول الله (صلى الله عليه وسلم). 
حملت صبيحة الإثنين التاسع من شهر ربيع الأول لأول عام من حادثة الفيل، والموافق للعشرين أو الثاني 
والعشرين من إبريل عام (571م) حملت صبيحة ذلك اليوم للدنيا أجمل وأجل هدية: ميلاد مُحَمّد (صلى الله عليه وسلم) ولم تجد آمنة أمُّ خاتم النبيين يد عبد الله زوجها؛ لتربت عليها، وتشاركها فرحتها بوليدها الصغير، ولكنها أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بالغلام النجيب، وامتلأ قلب الشيخ الذى كساه الحزن؛ لفقد 
ولده الشاب الأثير- امتلأ بالبهجة والبشر، وأسرع فأخذه، وسار به حتى دخل الكعبة، ثم دعا الله وشكر له، 
واختار له اسم مُحَمّد، ولما كان اليوم السابع لمولده ختنه على عادة العرب، وأمر بناقة فنحرت، ثم دعا رجالاً 
من قريش فحضروا وطعموا. وكانت عادة ساكني الحضر من العرب يومئذ أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، 
لتقوى أجسامهم، ويتقنوا اللسان العربي فى مهدهم، فالتمس عبد المطلب من ترضع حفيده المحبوب، حتى 
صار الأمر لامرأة من بنى سعد بن بكر هي: حليمة بنت أبى ذؤيب، وفى ديار حليمة نشأ مُحَمّد (صلى الله عليه 
وسلم) وتحرك لسانه بما تعلم، ودبت قدماه تسعى في ديار بنى سعد وباديتهم، وبهذه البادية حدثت له (صلى 
الله عليه وسلم) حادثة شق الصدر الشهيرة، والتي كانت إرهاصًا بعظم شأنه (صلى الله عليه وسلم).

السبت، 29 يونيو 2013

نماذج من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم

-->

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جم التواضع، لا يعتريه كبر ولا بطر على رفعة قدره وعلو منزلته، يخفض جناحه للمؤمنين ولا يتعاظم عليهم ، ويجلس بينهم كواحد منهم، ولا يعرف مجلسه من مجلس أصحابه لأنه كان يجلس حيث ينتهي به المجلس، ويجلس بين ظهرانيهم فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل عنه، روى أبو داود في سننه عن أبي ذر وأبي هريرة قالا:((كان رسول الله -صلى
الله عليه وسلم يجلس بين ظهري أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل فطلبنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه...))  .
وقال له رجل: يا محمد أيا سيدنا وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، عليكم بتقواكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله، أنا عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله))  
.
- وكان صلى الله عليه وسلم من تواضعه يتفقد أحوال أصحابه ويقوم بزيارتهم،فقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو قال: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له صومي فدخل علي فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف فجلس على الأرض وصارت الوسادة بيني وبينه فقال أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام ، قال : قلت يا رسول الله قال خمسا قلت يا رسول الله قال سبعا قلت يا رسول الله قال تسعا قلت يا رسول الله قال إحدى عشرة ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا صوم فوق صوم داود - عليه السلام - شطر الدهر صم يوما وأفطر يوما))  
.
وكان يتفقدهم حتى في الغزوات والمعارك، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي برزة ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في مغزى له فأفاء الله عليه فقال لأصحابه  هل تفقدون من أحد . قالوا نعم فلانا وفلانا وفلانا. ثم قال  هل تفقدون من أحد . قالوا نعم فلانا وفلانا وفلانا. ثم قال هل تفقدون من أحد. قالوا لا. قال لكني أفقد جليبيبا فاطلبوه. فطلب في القتلى فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فوقف عليه فقال:  قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني وأنا منه هذا مني وأنا منه،  قال فوضعه على ساعديه ليس له إلا ساعدا النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فحفر له ووضع في قبره.)) .

- وكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم القيام بخدمة أصحابه، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة وفيه في قصة نومهم عن صلاة الفجر: ((.....قال ودعا بالميضأة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأبو قتادة يسقيهم- أي أصحابه- فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة تكابوا عليها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنوا الملأ كلكم سيروى. قال ففعلوا فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم- يصب وأسقيهم حتى ما بقي غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال ثم صب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي اشرب. فقلت لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله قال: إن ساقي القوم آخرهم شربا . قال فشربت وشرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: فأتى الناس الماء جامين رواء))  .

- ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه إذا مر على الصبيان سلم عليهم، فقد روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه ((أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله))  .
((وكان صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار، ويسلم على صبيانهم، ويمسح رؤوسهم))  .
وعن أنس رضي الله عنه قال: ((إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟))  .
- ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يشارك في خدمة أهله في البيت فقد روى البخاري عن الأسود ، قال : ((سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته قالت كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة))  .

- وكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم يركب الحمار ويستردف فيه، يحكي لنا أنس عن حال النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: ((كان صلى الله عليه وسلم يردف خلفه، ويضع طعامه على الأرض، ويجيب دعوة المملوك ويركب الحمار))  .
وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: ((كان صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويخصف النعل، ويرقع القميص، ويلبس الصوف، ويقول من رغب عن سنتي فليس مني))  .
وعن عبيد بن حنين أنه سمع ابن عباس، رضي الله عنهما يحدث أنه قال: ((مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجا فخرجت معه ...))  . الحديث. وفيه:((وإنه – أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- لعلى حصير ما بينه وبينه شيء وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف وإن عند رجليه قرظا مصبوبا وعند رأسه أهب معلقة فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت فقال ما يبكيك ، فقلت : يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله فقال أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة))  .

- ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم استجابته للدعوة وقبوله الهدية مهما قلت قيمتها، روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لو دعيت إلى ذراع ، أو كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع ، أو كراع لقبلت))  .
-->

الثلاثاء، 4 يونيو 2013

هل تريد أن تعرف الحكمة من تقبيل الحجر الأسود؟

هل تريد أن أعرف الحكمة من تقبيل الحجر الأسود؛ لأن هناك الكثيرين يستدلون بجواز تقبيل الحجر الأسود على جواز تقبيل أضرحة الأولياء، خصوصاً الأئمة؟

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد: 
فإن الحكمة الحقَّة من تقبيل الحجر الأسود هي الاتِّباع المحضُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإظهارُ العبودية لله تعالى والتسليم لأمره وهو من تعظيم شعائر الله، وقد دَّلت على ذلك الأدلة من السنة المطهرة، ومنها:

ما (رواه الإمام البخاري) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعير، كلما أتى على الرُّكن أشار إليه بشيءٍ في يده وكبَّر".

و(روى الإمام مسلم)، عن نافع قال: رأيتُ ابنَ عمر استلم الحجر بيده، ثم قبَّل يده وقال: "ما تركتُه منذ رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله".

و(روى الإمام مسلم) عن أبي الطُّفَيْل رضي الله عنه قال: "رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمِحْجَنٍ معه، ويقبِّلُ المِحْجَنَ".

صورة حقيقية للحجر الأسود
وجاء في فضل استلامه أحاديثٌ منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "والله ليبعثنَّه الله يوم القيامة، له عينان يبصر بهما، ولسانٌ ينطق به، يشهد على من استلمه بحقٍّ" (رواه الترمذي) عن ابن عباس، وصحَّحه الألباني.

ما (رواه الإمام أحمد) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن مَسْحَ الحجر الأسود والرُّكْن اليَمانيّ يحطَّان الخطايا حطّاً".

وليعلم: أنه ليس لأحد اختيارٌ مع أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فالذي حرَّم عبادة الأحجار والأشجار والأوثان، وحرَّم التقرُّب إليه بغير ما شرع الله، هو الذي أمر بالطواف حول بيته، وشرع تقبيل الحجر، ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "إني لأعلم أنك حجرٌ لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقبِّلُكَ ما قبَّلْتُكَ" (متفقٌ عليه).

قال الإمام الطَّبريُّ: "إنما قال ذلك عمر لأن الناس كانوا حديثي عهدٍ بعبادة الأصنام؛ فخشي عمر أن يظنَّ الجهَّال أن استلام الحجر من باب تعظيم بعض الأحجار، كما كانت العرب تفعل في الجاهلية، فأراد عمر أن يُعلِم الناس أن استلامه اتِّباعٌ لفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا لأنَّ الحجر ينفع ويضرُّ بذاته، كما كانت الجاهلية تعتقده في الأوثان".

وقال الباجيُّ في (المنتقى): "تقبيلُه وتعظيمه ليس لذاته، ولا لمعنًى فيه؛ وإنما هو لأن النبي صلى الله عليه وسلم شرع ذلك طاعةً لله تعالى".

وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح): "قال المهلب: وإنما شُرع تقبيله اختياراً؛ ليعلم بالمشاهدة طاعة من يطيع، وذلك شبيهٌ بقصة إبليس؛ حيث أمر بالسجود لآدم" وقال: "وفي قول عمر هذا التسليم للشَّارع في أمور الدين، وحسنُ الاتِّباع فيما لم يكشف عن معانيها، وهو قاعدةٌ عظيمةٌ في اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله، ولو لم يعلم الحكمة فيه، وفيه دفعُ ما وقع لبعض الجهَّال من أنَّ في الحجر الأسود خاصةً ترجع إلى ذاته، وفيه بيان السُّنن بالقول والفعل، وأن الإمام إذا خشي على أحدٍ من فعله فساد اعتقاده، أن يبادر إلى بيان الأمر ويوضِّح ذلك".

وليُعلم: أن هناك عدة فوارق بين الحجر الأسود الذي شُرع تقبيله وبين الأضرحة؛ فالحجر ثبتت مشروعية تقبيله بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله؛ وقد أَمرنا باتِّباع هديه في الحج؛ فقال: "خذوا عنِّي مناسككم" (رواه مسلمٌ).

وكما ثبتت نصوصٌ في التَّرغيب في تقبيله، بخلاف تقبيل الأضرحة الذي يؤدِّي للشِّرك, والغلُّو في الصالحين المفضي لعبادتهم، وهو أمرٌ خطيرٌ، يجرُّ صاحبه للمهالك فإن تقبيل الحجر الأسود ابتلاء العباد ، ولهذا قال عمر رضي الله عنه : "إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك" (متفق عليه)، فاحذر أن تعترض على شيء مما شرع الله، أو أن يكون في نفسك حرج وضيق من ذلك. والله أعلم. 

المصدر/ الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي 

الخميس، 30 مايو 2013

ما هي فكرتك عن الجمال؟

 عارضة أزياء ناجحة تروي صعوبات بناء حياة إعتماداً على المظهر الجسدي الخارجي بدلاً من الجمال الروحي الداخلي.لم يعد ظهوري على أغلفة مجلات الأزياء الأوروبية حلماً بل أصبح حقيقة، كان يصعب علي تصديق ذلك، لقد كان كل ما أردته أن أظهر في مجلات الأزياء وأن أكسب الكثير من المال وأن أسافر حول العالم، وها أنا الآن يمكنني شرب النبيذ وتناول عشاءًَ فاخراً في باريس ولي منزلي الجديد وثروة وشهرة، ولكن ماذا بعد ذلك؟ هل هذه هي الحياة هل هذا هو كل ما فيها؟ ما هي فكرتك عن الجمال ما هو الشيء الذي ستغيره في شكلك إن استطعت؟.

 عندما بدأت عملي كعارضة أزياء في شركة عالمية كان عمري وقتها 19 سنة، إن فكرتي عن الجمال لم تأتي مني بل ممن هم حولي، كنت أشعر بجمالي عن طريق مَن حولي من الناس الذين كانوا يبدون إعجابهم بشكلي،و كنت أقيس الأشياء على النحو التالي: بما أنني ناجحة في عملي ويطلبون مني أن أعرض الأزياء فهذا يعني أنني جميلة، وكان هذا نمط تفكير خطير لأنني كنت أقيّم نفسي اعتماداً على ما يعتقده الناس عني . طريقة أخرى كنت أقيّم فيها الجمال هي عن طريق زميلاتي حيث أنني كنت أعمل مع أجمل العارضات في العالم اللواتي كن يظهرن في أرقى وأشهر مجلات الأزياء وبما أنهن صديقاتي ونحن في نفس المجال فأنا بالتأكيد لا أقل جمالاً عنهن.طريقة أخرى كنت أوكد لنفسي فيها أنني جميلة هي الرجال الذين كنت أجذبهم بجمالي فقد كان حولي الكثير من الرجال الوسيمين والأغنياء والناجحين والأذكياء الذين يسعون للتعرف عليّ.

 لقد كنت مشهورة وكان لدي الكثير من الأصدقاء. وبعد أن حققت كل ذلك النجاح وهذه الشهرة كنت أُدعَى إلى الكثير من الحفلات الراقية بسهولة فلا بد أنني جميلة جداً فأنا أذهب إلى كل تلك الأماكن و أحصد الكثير من المعجبين والأصدقاء .نتيجة لذلك أصبحت شخصية أنانية مغرورةً أعيش حياة أنانية جداً كنت أهتم بنفسي فقط كان جل إهتمامي بمظهري وشكلي الخارجي؛ بوزني وشعري وأزيائي وجاذبيتي. وكان تمركزي حول ذاتي وشعوري بأهميتي شديدا جدا وأصبحت مدمنة على العمل  كنت أعمل سبعة أيام في الأسبوع لأنني كنت أعلم أنه ما من شيء مضمون فمن الممكن أن يستغنوا عن عملي في أي وقت ويمكن لمظهري أن يتغير أيضا في أي وقت فلا بد أن أقبل كل عرض. كنت أعمل في ألمانيا خلال الصباح وأسافر إلى باريس في المساء لأقوم بما علي فعله ثم أعود مجدداً إلى ألمانيا كنت خائفة من أن أفقد كل شيء لذلك علي أن أحافظ على ما لدي مهما كان الثمن لذلك كنت أصبر وأتحمل وكنت أقبل كل عرض عمل يقدم لي. نتيجة لذلك مرضت وأصبحت متعبة ومرهقة جداً وذات يوم وقعت على الأرض حيث أغمى علي أثناء التصوير وجرحت في ركبتي ولزمت الفراش لأول مرة في حياتي المهنية.

 عدم قدرتي على مواصلة العمل كانت أكثر التجارب إخافة في حياتي مع أنني توقفت لمدة أسبوعين فقط إلأ أنه كان علي إلغاء 14 عرضاً وقد حطمني ذلك .وذات يوم وأنا طريحة الفراش عاجزة عن العمل بدأت أفكر في حياتي وفي مقاييسي وأفكاري عن الجمال و بدأت أفكر في نوعية الشخصية التي أنا عليها لقد أدركت أن نظرتي للجمال لم تكن سليمة فقد كنت أعلم مثلاً أن ملامحي سوف تتغير لقد عملت بجهد شديد لكي تظهر صورتي في المجلات بشكل حديث وكنت أريد أن تغير كل هذه الصور خلال ستة أشهر لأنها ستصبح قديمة وخارجة عن الموضة. لقد اكتشفت أن امتلاك الكثير من المال في سن صغيرة هو أمر رائع ولكن مسؤولية المحافظة على هذه الأموال واستثمارها وإدارتها لهو أمر يحفه الكثير من الصعاب وهذا دعاني لأسأل نفسي لماذا ينجذب الناس إلي. وهل سيظل صديق يحبني إذا ما تغير شكلي. 

كل هذه الأسئلة والشكوك كانت تخطر ببالي عندما كنت في ذروة حياتي المهنية، أدركت مدى ضحالة كل شيء وبدأت أشعر بالفراغ الداخلي. فبالرغم من كل ما حصلت عليه إلا أنني كنت أحس بأن هناك شيء مفقود وبالرغم من كل النجاح وكل الإنتباه الذي كنت أحظى به إلا أنه كان هناك فراغ ما أحس به في داخلي.ما الذي حدث؟ أين كانت أولوياتي؟ ما الذي أعيش لأجله؟ تبين لي أنني كنت أبني حياتي على أشياء غير مضمونة وغير آمنة كانت حياتي مبنية على ما يظنه الناس عني وعن مظهري أو ما يظنه صديقي عني أو على مقدار المال الذي أحصل عليه، وما هي مدى شهرتي، أدركت أنني كنت أبني حياتي على الرمال.عدت مع ذكرياتي القديمة إلى مدينة آنديانا حيث ترعرعت وتذكرت حدث مميز عندما دعتني إحدى زميلاتي إلى حفلة ترانيم في الكنيسة وقد قبلت دعوتها لأن الكثير من الشبان كانوا هناك. و توقعت أن أمضي وقتاً مسلياً.كنت أؤمن بأنني لست بحاجة لله في حياتي، فلماذا أحتاج الله؟ لقد كان والدي مطلقان ولم يساعدهم إيمانهم. ولكن ونحن في حفلة الترانيم تلك بالإضافة إلى الموسيقى سمعت رسالة لمست قلبي ففي نهاية الحفلة أخبرنا المرنمون أن لديهم أخبار سارة يريدون مشاركتنا إياها. إعتقدت أنهم يريدون أن يخبرونا عن أول اسطوانة لهم أو شيء من هذا القبيل ولكن الأخبار التي شاركونا بها هي"أن الله يحبنا". كانوا يتحدثون عن علاقة مع الله من خلال يسوع المسيح. و بينوا لنا كيف أن الله يحبنا محبة غير مشروطة ولذلك أرسل ابنه الوحيد يسوع المسيح ليموت عنا على الصليب ليمحوا خطايانا.

 قلت في نفسي "علاقة محبة غير مشروطة" هذا أمر رائع. لم يكن لدي أي مشكلة في الاعتراف بأنني قمت بالكثير من الأمور السيئة في حياتي وأنني لم أكن كما يريدني الله أن أكون. أخبرنا المرنمون أنه يمكننا أن نقبل عطية الله لنا وهي محبته وغفرانه عن طريق يسوع المسيح. في تلك الليلة صليت صلاة قصيرة وطلبت من المسيح أن يغفر لي خطاياي وطلبت منه أن يغير حياتي وقلت له أنني سوف أعيش حياتي له ولخدمته. دعوته ليدخل إلى حياتي ولأبدأ علاقة شخصية روحية معه.بعد ذلك بسنوات ها أنا في باريس أفكر في تلك الليلة وفي ذلك الحدث المميز وكيف أن حياتي أصبحت على هذا الشكل وفقدت معناها الحقيقي وأدركت أن سبب ذلك هو أنني أهملت علاقتي مع الله واخترت أن أعيش حسب إرادتي ،فلا عجب إن أشعر بالفراغ. في ذلك اليوم صليت وطلبت من الله أن يسامحني لأني عشت حياتي ليس كما يريد ولكن كما أردت أنا وأراد الآخرون وقلت له: " يارب غيرني وأريني ما هو الجمال الحقيقي".

 إن أول شيء أظهره الله لي هو خطورة الغرور فقد كنت أصارع مع هذا الموضوع لسنوات عدة، في أمريكا يتم إنفاق 20 بليون دولار سنوياً على مساحيق التجميل و 300 مليون دولار على الجراحات التجميلية هذا يثبت كم من الوقت وكم من المال يتم إنفاقه على مظهرنا الجسدي. إن الغرور ليس من الجمال.كانت لدي عادة مقارنة نفسي مع الفتيات الأخريات. كانت الغيرة مشكلة أخرى كنت أعاني منها ، ولكني تعلمت أن أرضى بما أنا عليه و بالصورة التي خلقني الله عليها فهو يحبني كيفما كان شكلي. إن عدم الشعور بالأمان و عدم الرضا عن النفس ليس من الجمال. ما هو الجمال الحقيقي؟ إذن الجمال ليس جمال المظهر الجسدي الخارجي. بل إنه ما يوجد في الداخل أي ما في قلبك. إن التواضع أمر جميل جداً مع أنه غير وارد أبدا في طبيعة عملي فما أجمل الشعور بالرضا عن الذات والتقييم الصحيح لها ،والأهم من ذلك معرفة الله شخصياً التي تجلب الجمال لأن معرفة أن الله يحبك ويقبلك مهما كان شكلك ومظهرك تجعلك تحب نفسك وتحترم ذاتك وتقبلها.

الأحد، 26 مايو 2013

تفسير الشعراوي: لم يحرم الله الزنا فحسب، بل حرَّم كل ما يؤدي إليه بداية من النظر

تفسير الشيخ الجليل محمد متولي الشعراوي

 يقول تعالى: { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ.. } [الإسراء: 32]

والمتأمل في آي القرآن الكريم يجد أن الحق سبحانه حينما يُكلِّمنا عن الأوامر يُذيِّل الأمر بقوله تعالى:
{  تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا.. } [البقرة: 229]


فالحق سبحانه خالق الإنسان، وهو أعلم به لا يريد له أنْ يقتربَ من المحظور؛ لأن له بريقاً وجاذبية كثيراً ما يضعف الإنسان أمامها؛ لذلك نهاه عن مجرد الاقتراب، وفَرْقٌ بين الفعل وقُرْبان الفعل، فالمحرّم المحظور هنا هو الفِعْل نفسه، فلماذا إذن حرَّم الله الاقتراب أيضاً، وحذّر منه؟

نقول: لأن الله تعالى يريد أنْ يرحَم عواطفك في هذه المسألة بالذات، مسألة الغريزة الجنسية، وهي أقوى غرائز الإنسان، فإنْ حُمْتَ حولها توشك أن تقعَ فيها، فالابتعاد عنها وعن أسبابها أسلَمُ لك.

وحينما تكلًّم العلماء عن مظاهر الشعور والعلم قسَّموها إلى ثلاث مراحل: الإدراك، ثم الوجدان، ثم النزوع.

فلو فرضنا أنك تسير في بستان فرأيتَ به وردة جميلة، فلحظة أنْ نظرتَ إليها هذا يُسمَّى " الإدراك "؛ لأنك أدركتَ وجودها بحاسة البصر، ولم يمنعك أحد من النظر إليها والتمتُّع بجمالها.فإذا ما أعجبتك وراقك منظرها واستقر في نفسك حُبُّها فهذا يسمى " الوجدان " أي: الانفعال الداخلي لما رأيتَ، فإذا مددتَ يدك لتقطفها فهذا " نزوع " أي: عمل فعلي.

ففي أي مرحلة من هذه الثلاث يتحكَّم الشرع؟
الشرع يتحكم في مرحلة النزوع،ولا يمنعك من الإدراك، أو من الوجدان، إلا في هذه المسألة " مسألة الغريزة الجنسية " فلا يمكن فيها فَصْل النزوع عن الوجدان، ولا الوجدان عن الإدراك، فهي مراحل ملتحمة ومتشابكة، بحيث لا تقوى النفس البشرية على الفَصْل بينها.

فإذا رأى الرجل امرأة جميلة، فإن هذه الرؤية سرعان ما تُولِّد إعجاباً وميلاً، ثم عِشْقاً وغريزة عنيفة تدعوه أنْ تمتدَّ يده، ويتولد النزوع الذي نخافه، وهنا إما أنْ ينزعَ ويُلبي نداء غريزته، فيقع المحرم، وإما أنْ يعف ويظل يعاني مرارة الحرمان.

والخالق سبحانه أعلم بطبيعة خَلْقه، وبما يدور ويختلج داخلهم من أحاسيس ومشاعر؛ لذلك لم يُحرِّم الزنا فحسب، بل حرَّم كل ما يؤدي إليه بداية من النظر، فقال تعالى:
{  قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ.. } [النور: 30]
لأنك لو أدركتَ لوجدتَ، ولو وجدتَ لنزعتَ، فإنْ أخذتََ حظَّك من النزوع أفسدتَ أعراض الناس، وإنْ عففتَ عِشْتَ مكبوتاً تعاني عِشْقاً لن تناله، وليس لك صبر عنه.

إذن: الأسلم لك وللمجتمع، والأحفظ للأعراض وللحرمات أنْ تغُضَّ بصرك عن محارم الناس فترحم أعراضهم وترحم نفسك.

لكن هذه الحقيقة كثيراً ما تغيب عن الأذهان، فيغشّ الإنسانُ نفسه بالاختلاط المحرم، وإذا ما سُئل ادَّعى البراءة وحُسْن النية وأخذ من صلة الزمالة إلى القرابة أو الجوار ذريعة للمخالطة والمعاشرة وهو لا يدري أنه واهم في هذا كله، وأن خالقه سبحانه أدرى به وأعلم بحاله، وما أمره بغضِّ بصره إلا لما يترتب عليه من مفاسد ومضار، إما تعود على المجتمع، أو على نفسه.

لذلك قال صلى الله عليه وسلم: " النظرة سَهْم مسموم من سهام إبليس، مَنْ تركها من مخافتي أبدلتُه إيماناً يجد حلاوته في قلبه ". 

ومن هنا نفهم مراده سبحانه من قوله: { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ.. } [الإسراء: 32] ولم يقل: لا تزنوا. لأن لهذه الجريمة مقدمات تؤدي إليها فاحذر أنْ تجعلَ نفسك على مقربة منها؛ لأن مَنْ حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ودَعْكَ ممَّنْ يُنادون بالاختلاط والإباحية؛ لأن الباطل مهما عَلاَ ومهما كَثُر أتباعه فلن يكون حقاً في يوم من الأيام.

وأحذر ما يشيع على الألسنة من قولهم هي بنت عمه، وهو ابن خالها، وهما تربَّيا في بيت واحد، إلى آخر هذه المقولات الباطلة التي لا تُغيّر من وجه الحرام شيئاً، فطالما أن الفتاة تحل لك فلا يجوز لك الخلوة بها.وفي الحديث النبوي: " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ". 

إذن: ما حرَّم الإسلام النظر لمجرد النظر، وما حرّم الخُلْوة في ذاتها ولكن حَرَّمهما؛ لأنهما من دوافع الزنا وأسبابه. فيقول تعالى: { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ.. } [الإسراء: 32] أبلغ في التحريم وأحوط وأسلم من: لا تزنوا.


إذن: الزنا فاحشة وساء سبيلاً، وهاهي الأحداث والوقائع تُثبت صِدْق هذه الآية، وتثبت أن أيّ خروج من الخَلْق عن منهج الخالق لن يكون وراءه إلا نَكَدُ الدنيا قبل أن ينتظرهم في الآخرة.

والآن وقد ضمنَّا سلامة الأعراض، وضمنَّا طهارة النسل، وأصبح لدينا مجتمع طاهر سليم، يأْمَنُ فيه الإنسان على هذا الجانب، فلا بُدَّ إذن أن نحافظَ فيه على الأرواح، فلا يعتدي أحد على أحد، فيقول تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقّ... }.

نماذج من تواضع الرسول صلي الله عليه وسلم



كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جم التواضع، لا يعتريه كبر ولا بطر على رفعة قدره وعلو منزلته، يخفض جناحه للمؤمنين ولا يتعاظم عليهم ، ويجلس بينهم كواحد منهم، ولا يعرف مجلسه من مجلس أصحابه لأنه كان يجلس حيث ينتهي به المجلس، ويجلس بين ظهرانيهم فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل عنه، روى أبو داود في سننه عن أبي ذر وأبي هريرة قالا:((كان رسول الله -صلى
الله عليه وسلم يجلس بين ظهري أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل فطلبنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه...))  .
وقال له رجل: يا محمد أيا سيدنا وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، عليكم بتقواكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله، أنا عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله))  
.
- وكان صلى الله عليه وسلم من تواضعه يتفقد أحوال أصحابه ويقوم بزيارتهم،فقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو قال: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له صومي فدخل علي فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف فجلس على الأرض وصارت الوسادة بيني وبينه فقال أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام ، قال : قلت يا رسول الله قال خمسا قلت يا رسول الله قال سبعا قلت يا رسول الله قال تسعا قلت يا رسول الله قال إحدى عشرة ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا صوم فوق صوم داود - عليه السلام - شطر الدهر صم يوما وأفطر يوما))  
.
وكان يتفقدهم حتى في الغزوات والمعارك، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي برزة ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في مغزى له فأفاء الله عليه فقال لأصحابه  هل تفقدون من أحد . قالوا نعم فلانا وفلانا وفلانا. ثم قال  هل تفقدون من أحد . قالوا نعم فلانا وفلانا وفلانا. ثم قال هل تفقدون من أحد. قالوا لا. قال لكني أفقد جليبيبا فاطلبوه. فطلب في القتلى فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فوقف عليه فقال:  قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني وأنا منه هذا مني وأنا منه،  قال فوضعه على ساعديه ليس له إلا ساعدا النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فحفر له ووضع في قبره.)) .

- وكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم القيام بخدمة أصحابه، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة وفيه في قصة نومهم عن صلاة الفجر: ((.....قال ودعا بالميضأة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأبو قتادة يسقيهم- أي أصحابه- فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة تكابوا عليها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنوا الملأ كلكم سيروى. قال ففعلوا فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم- يصب وأسقيهم حتى ما بقي غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال ثم صب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي اشرب. فقلت لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله قال: إن ساقي القوم آخرهم شربا . قال فشربت وشرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: فأتى الناس الماء جامين رواء))  .

- ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه إذا مر على الصبيان سلم عليهم، فقد روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه ((أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله))  .
((وكان صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار، ويسلم على صبيانهم، ويمسح رؤوسهم))  .
وعن أنس رضي الله عنه قال: ((إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟))  .
- ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يشارك في خدمة أهله في البيت فقد روى البخاري عن الأسود ، قال : ((سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته قالت كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة))  .

- وكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم يركب الحمار ويستردف فيه، يحكي لنا أنس عن حال النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: ((كان صلى الله عليه وسلم يردف خلفه، ويضع طعامه على الأرض، ويجيب دعوة المملوك ويركب الحمار))  .
وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: ((كان صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويخصف النعل، ويرقع القميص، ويلبس الصوف، ويقول من رغب عن سنتي فليس مني))  .
وعن عبيد بن حنين أنه سمع ابن عباس، رضي الله عنهما يحدث أنه قال: ((مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجا فخرجت معه ...))  . الحديث. وفيه:((وإنه – أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- لعلى حصير ما بينه وبينه شيء وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف وإن عند رجليه قرظا مصبوبا وعند رأسه أهب معلقة فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت فقال ما يبكيك ، فقلت : يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله فقال أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة))  .

- ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم استجابته للدعوة وقبوله الهدية مهما قلت قيمتها، روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لو دعيت إلى ذراع ، أو كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع ، أو كراع لقبلت))  .

الخميس، 24 يناير 2013

في ذكري مولد أشرف الخلق بقلم عبد المنعم محمد عمر



محمد صلي الله عليه وسلم هو رسول الله وخاتم الأنبياء بعثه الله بالهدي والرحمة للبشر كافة , ولد الرسول صلي الله عليه وآله يوم الأثنين  الموافق 22 أبريل سنة 571 م وسمي هذا العام بعام الفيل بسبب محاولة أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، والده هو  عبد الله بن عبد المطلب وأمه هي  آمنة بنت وهب , ولد يتيم الأب وفقد أمه في سنّ مبكرة فتربى في كنف جده عبد المطلب ثم من بعده عمه أبي طالب , أرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب مع ابنها "عبد الله" في بادية بني سعد، وزوجها هو "الحارث بن عبد العزى"، وكان لهما ابنتان "أنيسة" و"حذافة" ولقبها الشيماء .

 لقب محمد صلي الله عليه وآله بالأمين لأن الناس كانوا يودعون أماناتهم عنده فبلغ ذلك السيدة خديجة وكانت تاجرة ذات مال فعهدت إليه بأن يخرج بمالها إلي الشام للتجارة فقبل صلي الله عليه وسلم , وعندما عاد إلي مكه ذهب إلي خديجة بربح وفير أكثر مما كانت تربحه من قبل فسرت وعرضت عليه أن يتزوجها فقبل بعد أن عرض الأمر علي أعمامه وكان سنه وقتها خمسة وعشرين عاما وكانت خديجة في سن الأربعين وفي بعض المصادر خمسة وأربعين عاما وأنجب منها كل أولاده فيما عدا إبراهيم.

نزل الوحي علي محمد صلي الله عليه وسلم في سن الأربعين وأول من آمن برسالته زوجته  خديجة بنت خويلد رضي الله عنهاوبعد مرور ثلاث سنوات من الدعوة سرا بدأ الدعوة جهرا بعد ما بلغ المؤمنون بدعوته من الصحابة أربعون , وهنا اشتدت قريش في معاداتها لمحمد وأصحابه، وتصدّوا لمن يدخل في الإسلام بالتعذيب والضرب والجلد والكيّ، حتى مات منهم من مات تحت التعذيب، قال ابن مسعود «أول من أظهر الإسلام بمكة سبعة: رسول الله ، وأبو بكر، وبلال وخباب وصهيب وعمار وسمية. فأما رسول الله  وأبو بكر فمنعهما قومهما، وأما الآخرون فأُلبسوا أدرع الحديد ثم صُهروا في الشمس وجاء أبو جهل إلى سمية فطعنها بحربة فقتلها». حتى محمدًا قد ناله نصيب من عداوة قريش،

لما اشتد البلاء على المسلمين أمر الرسول صلي الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلي المدينة ثم تبعهم بعد ذلك هو وصحبه أبو بكر رضي الله عنه فدخلها يوم الجمعة 12 ربيع الأول، سنة 1 هـ الموافق 27 سبتمبر سنة 622م، وعمره يومئذ 53 سنة. ومن ذلك اليوم سُميت بمدينة الرسول ، بعدما كانت يثرب.

منذ بداية وجود المسلمين في المدينة المنورة نصبت أحبار اليهود من بني قريظة وبني قينقاع وبني النضير لمحمد العداوة، وانضاف إليهم رجال من الأوس والخزرج ممن كانوا يُظهرون إسلامهم ويُخفون عكس ذلك، فسُمّوا بالمنافقين على رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول. وبعد أن استقر المقام بالمسلمين في المدينة المنورة، أُذن لمحمد بالقتال لأول مرة، فكانت آية  أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وكان القتال وكانت الغزوات , وفي تلك الغزوات كلّها لم يقتل محمدٌ بيده قطّ أحدًا إلا أبي بن خلف. 

وينتهي الصراع بين الخير والشر أو بين الإيمان والكفر بفتح مكة العظيم حين دخل جيش المسلمين مكة موزعين، فدخلها خالد بن الوليد ومن معه من أسفلها، ودخلها الزبير بن العوام ومن معه من أعلاها، ودخلها أبو عبيدة بن الجراح من بطن الوادي. وأمرهم الرسول القائد الكريم أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، فلم يحصل قتال إلا ما كان من خالد بن الوليد ومن معه فقد قتلوا 12 رجلاً. ثم وصل الجيش الكعبة، فدخلوا المسجد، فأقبل محمد إلى الحجر الأسود، فاستلمه، ثم طاف  ثم خاطب قريشًا فقال « يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا «خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم»، فقال «فإني أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطُلَقَاء». 

في شهر ذي القعدة سنة 10 هـ عزم محمد صلي الله عليه وآله على أداء مناسك الحج، بعد أن مكث في المدينة المنورة 9 سنوات لم يحج فيها أبدًا. فأذّن في الناس أنه خارج، فقدم المدينة بشرٌ كثيرٌ كلّهم يلتمس أن يأتم بمحمد. فكانت حجة الوداع جاء فيها: إنّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ومن ضمن ما قال  وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله وأنتم تُسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدّيت ونصحت. فقال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات. وفي تلك الأثناء على جبل عرفة، نزلت الآية القرآنية ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾،

صعدت روح أشرف الخلق وأكرمهم إلي بارئها في ضحى يوم الإثنين ربيع الأول سنة 11 هـ، الموافق 8 يونيو سنة 632م وكان عمره 63 سنة.‏ 

المراجع:
  •  في فقه السيرة النبوية، للبوطي، ص108، دار الفكر، ط2005. 
  •  في صحيح البخاري، رقم: 162 
  •  في السيرة النبوية، لابن هشام، ج2، ص277-278