تردد كثيرا في الفترة السابقة إصطلاحات مثل الأغلبية الصامتة وإئتلاف الأغلبية الصامتة ثم زعيم الأغلبية الصامتة .. وهنا أتساءل لماذا هي صامته ؟ .. وهنا تطرح الإجابة نفسها وهي أن الأغلبية الصامتة هي أغلبية سلبية لا تشارك في العمل السياسي بل هي تخرج عن الإجماع الشعبي وتقابل الحناجر الهادرة التي تنادي بالتغيير والتي خرجت يوم 25 يناير 2011 ثائرة علي نظام فاسد جائر جسم علي صدر البلاد طيلة ثلاثة عقود عاني فيها الشعب مزيد من الفقر والجهل والمرض ... آثرت هذه الأغلبية المزعومة أن تقابل الحناجر الصارخة بالحناجر الصامتة وهذا أضعف الإيمان .
أسقط الشباب الثائر كالطوفان نظام مبارك المخلوع وأعوانه بعد أن دفع فاتورة باهظة من آلاف الشهداء والجرحي .. وفي هذا المعترك ماذا فعلت الأغلبية الصامتة في هذا الصدد .. غير الجلوس علي اريكة هنا أو هناك تتفرج عبر الفضائيات علي شهداء كرام يسقطون برصاص الغدر بأمر من المخلوع وأعوانه .. وظلت الأغلبية الصامتة تتفرج علي الأحداث الدامية التي شهدتها الساحة المصرية خلال العشرة شهور الماضية وأخيرا تخرج علينا متفاخرة بأنها الأغلبية الصامتة .. إن إطلاق هذا المصطلح علي هذه الجماعة التي تسمي نفسها أغلبية لهو مصطلح ينطوي علي خزي وعار لكل من يوصف نفسه أنه من الأغلبية الصامتة .
إن الصمت في حد ذاته عيب ومهانة ولا يتصف به إلا أبو الهول في الجيزة والموتي في مقابر زينهم بالقاهرة ومقابر عامود السواري بالأسكندرية .. هؤلاء هم الصامتون .. والغريب أن هذه الفئة تسخر من الذين هم أحياء يمارسون حقهم في التظاهر السلمي ليسقطوا نظاما فاسدا نكل بكافة طوائف الشعب بما فيهم تلك الفئة التي تطلق علي نفسها الأغلبية الصامتة ..
أستطيع القول هنا أن هذه الأغلبية الصامتة أضرت بالبلاد أشد الضرر وساعدت النظام السابق علي تزوير الإنتخابات المتعاقبه خلال ستين عاما منذ إنقلاب يوليو 1952 وذلك بترك بطاقاتها الإنتخابية ليعبث بها العابثون من النظام المقبور ويسودونها نيابة عنهم بكل إرتياح ولكن بالإختيار الذي يرضيهم ويرضي كبيرهم مبارك المخلوع ليلتصق بكرسي الرئاسة بغراء شديد الإلتصاق صناعة الأغلبية الصامتة .
ما كان ينبغي علي هؤلاء أن يصمتوا طيلة هذه السنوات وكان يجب عليهم أن يكونوا فاعلين متفاعلين مع غيرهم من الشرفاء في هذا الوطن العزيز ولو كانوا يحرصون علي المشاركة في الإنتخابات المتعاقبة الماضية ولو كانوا قد تخلوا عن صمت القبور وهبوا يدلون باصواتهم ويحرصون ويأمنون صناديق الإقتراع بأرواحهم ما كان أستطاع النظام المقبور تهيئة نسبة التسعة وتسعون في المائة الشهيرة .. إذن من فعل ذلك ليس المزورون وحدهم ولكن من منحهم الفرصة لملء استماراتهم الإنمتخابية نيابة عنهم ..
أين حمرة الخجل يا من تطلقون علي أنفسكم الأغلبية الصامتة؟ .. ألم تجدوا نشانا غير هذا العار تضعونه علي صدوركم .. ألم تجدوا شيئا آخر تتميزون به غير هذا الهراء .. إنه حول إدراكي واضح بدلالة هذا المصطلح الغريب .. إنكم أغضبتم الله قبل أن تسيئوا الي الوطن .. فالله يدعوكم الي العمل بكافة أشكاله وما أجل من عمل يصنع أمة حرة ومواطن كريم في وطنه .. ( وقل أعملوا ) صدق الله العظيم .