شهر رمضان شهر الرحمة والغفران والجود والكرم ,, كما أنه من الأشهر المباركة وفيه ليلة القدر .. هذا الشهر ينبغي آلا يؤذي فيه إنسان سواء في بدنه أو ماله أو سمعه ولكن كثير من الناس حولوا شهر الصيام إلي شهر كثرة الطعام حتي التخمة كما أتسم الشهر الكريم بغلاء الأسعار والصياح بأصوات منفرة من خلال مكبرات الصوت خارج المساجد والزوايا.
.
فما أن يحل الشهر الكريم حتي تجد المنتجين والبائعين ومن يقوم بخدمة من الخدمات, تراهم وقد أجمعوا علي إرتفاع أسعار بضائعهم وسلعهم وخدماتهم , يرفعون الأسعار الي أضعاف بدون مبرر سوي الجشع والطمع في تحقيق المكاسب السريعة علي حساب الغلابة والفقراء من أبناء مصر الذين يكتون بلهيب هذه الأسعار والتي لا تتناسب مع دخولهم الهشة.
.
إن غالبية أفراد الشعب المصري تعاني ضيق ذات اليد , وهذه الآسعار ترهق الأسرة المصرية التي هي مرهقة أصلا بأوليات أخري كمصاريف تعليم أولادهم - وهو تعليم متردي في المدارس الحكومية - ورسوم الدروس الخصوصية وفواتير المرافق كالتليفون والكهرباء والمياه والغاز وكلها نالت حظها من السعار التسعيري الذي لا يتوقف.
.
نعود الي شهر رمضان شهر الرحمة والغفران , فهل من الرحمة رفع الأسعار الي ما يقارب ضعف سعرها قبل رمضان ولا أتحدث هنا عن ياميش رمضان فذالكم صار من الرفاهيات التي لا يملكها السواد الأعظم من الناس . ولكني أتحدث هنا عن أسعار الخضار والفاكهة والبقوليات وغيرها من الضروريات واللوازم الحياتية البسيطة.
.
أين يا مسلمين العمل بحديث رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم: ( رحمَ اللهُ رجلًا ، سَمْحًا إذا باعَ ، وإذا اشترى ، وإذا اقْتضى)؟ , حديث صحيح رواه جابر بن عبد الله وأورده البخاري في صحيحة برقم 2076
.
هل البيع والشراء الآن سمحا؟ .. طبعا لا إنه غصبا وأحتكارا .. وهل شهر رمضان مازال شهر الكرم والجود؟ .. لا والله لقد صار شهر الغلاء وقشط الجيوب من قبل البائعين الجشعين الذي لا دين لهم ولا ضمير.
.
نأتي الي مسألة الإزعاج والزحام اللذان يصاحبان عادة شهر رمضان .. في هذا الشهر تكثر الألعاب النارية المزعجة والمقلقة والتي تسبب تلوثا سمعيا خطيرا ثم , وكذلك مكبرات الصوت ذات الذبذبات العالية جدا والتي توضع علي مآذن المساجد والزويا أو علي أعمدة إنارة الشوارع المجاورة لهذه المساجد أو تلك الزوايا.
.
المساجد في مصر تتجاور في مساحة صغيرة - وهذا من فضل الله - وكل مسجد من هذه المساجد يملك أثنين أو أكثر من مكبرات الصوت . زللأسف قليل ممن يستخدم هذه الأدوات من يعرف تقنيتها , إذ نسمعهم يصيحون ويصرخون من خلالها بصوت عال , فيصيب الآذان بالصمم والأطفال والمرضي بالفزع , ومن يفعل ذلك يتناسي أنه ينطق من خلال مكبر صوت ولو أنه همس لتضخم حجم الصوت ألي مئات الأضعاف , ومكبرات الصوت هذه تتداخل مع بعضها البعض فإذا أردت أن تسمع شيئا من الذكر الحكيم لا تستطيع لأن الصوت العالي المتسم بالصياح لا يسمعك شيئا ولا يشعرك بالخشية فيما تسمع من كلمات الله الجميلة المؤثرة في القلوب.
.
إن مكبرات الصوت هذه من أسوأ البدع , لأنها تصرف المرء عن التمعن في آيات الله البينات بما تحدثه من صدي الصوت عقب أي توقف لإلتقاط أنفاس المقريء أثناء تلاوته , هذا من ناحية ومن ناحية أخري أنها توضع في مواضع خطأ وفي كل الإتجاهات لأن الأصل في الآذان أن يؤذن المأذن وهو في إتجاه القبلة وحيث أن المؤذن في هذا الزمان يؤذن من خلال مكبر صوت فكان عليه أن يوجه مكبر الصوت نحو القبلة فقط وليس في كافة الإتجاهات , وكان الأجدر والأجدي الإستعاضة عنها بسماعات معقولة عند أداء الصلاه داخل وخارج المسجد وفي إرتفاع يتناسب مع إرتفاع جموع المصلين وليس في إرتفاعات شاهقة كي يستفيد المصلون منها ونجنب كبار السن والمرضي والأطفال من الإزعاج والفزع الذي تحدثه مكبرات الصوت الموضوعة علي إرتفاعات شاهقة وتدخل بيوتهم جبرا وقصرا.
.
وليكن معلوما أن كلامي هذا ليس إعتراضا علي المحتوي الذي تبثه مكبرات الصوت من آذان وتلاوة لأيات الذكر الحكيم , وإنما الإعتراض الأساسي علي الأداة التي تحمل او توصل المحتوي وهي مكبر الصوت , فهي لا تضيف للمصلي شيئا إذ هو يستطيع أن يتابع ما يؤدي من آذان وما يتلي من قرآن في حيز المسجد أو خارجه بواسطة سماعات ذات طاقة محدودة لا تتعدي مساحة المصلين إذا كانوا خارج المسجد , وبهذا لا يتداخل الصوت مع مكبر صوت آخر في مسجد آخر مجاور فتستعصي المتابعة ويتشتت الذهن
فيما بينها.
.
أرجو أن يأتي اليوم الذي يعود فيه رمضان بثوبه الجميل ثوب الخشوع والرحمة والغفران والجود والكرم والهدوء والسكينة .. اللهم آمين , وكل عام وأنتم بخير , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
.