بحث داخل المدونة

الأحد، 5 مايو 2013

تهنئة حارة من القلب إلي أخوتي وأخواتي المسيحيات بمناسبة عيد القيامة المجيد


كاتب المقال

مقالة للكاتب/ عبد المنعم محمد عمر
بدء ذي بدء أهنئك نفسي بعيد القيامة المجيد قبل أن أهنيء أخي المسيحي وأختي المسيحية .. فعيد القيامة المجيد هو عيد الأمل المرتجي والرجاء المبتغي في حب صادق يسود البشرية جميعها , فالحب هو سمة من سمات الله , فالله دائما محبة وخلق الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا ويسود الحب والوئام بينهم ولا أشد مودة ومحبة ممن  قالوا أنا نصاري فذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم  لا يستكبرون, هذا كلام الله الذي لا ريب فيه ( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }المائدة جزء من آية 82 

ويحضرني في هذا السياق ما كان في أمر هجرة المسلمين الأولي إلي الحبشة , ألم يقل رسول الله صلي الله عليه وسلم للمسلمين كان منهم عثمان بن عفان وامرأته رقية بنت محمد وأبو حذيفة بن عتبة ومعه امرأته سلمة وعثمان بن مظعون وعبد الله بن عمرو وسهيل: أذهبوا إلي الحبشة فيها ملك عادل , ألم يكن هذا الملك نصرانيا , ألم يخش الرسول علي المسلمين أن يتنصروا إن هم ذهبوا إلي ديار النصاري؟ أنه الرسول ذو البصر والبصيرة , يا للعجب في هذه الأيام أنخشي علي المسلم أن يهنأ المسيحي بعيد ديني خاص به ,, أنه العجب العجاب من ذوي غير الألباب , من يفتون بضلالة أو جهل أو بهوي حاكم او بشح علم مطاع.

إذا كان هذا رأي الرسول صلي الله عليه وسلم في نصراني يرسل المسلمين إليه مهاجرين فارين من ظلم الكفار وبطشهم , فيأويهم هذا النصراني ويؤمنهم ويكرمهم بالسماح بإقامة شعائر الإسلام في بلد ملكه مسيحي وشعبه مسيحي فلماذا  إذن نستنكر نحن المسلمين أن نهنئ أخوانا المسيحيين بعيد من أمجد الأعياد الدينية ألا وهو عيد القيامة المجيد , إن الدعاوي أو الفتاوي المضللة بعدم تهنئة المسيحيين بأعيادهم لا تتفق وصحيح الدين الإسلامي السمح ولا أجد دليلا علي سماحة الإسلام أروع من السيرة النبوية العطرة لقد تجلي سلوك الحبيب المصطفي الرائع عندما إستقبل وفد نجران المسيحي الذي أتي إلي المدينة للتباحث في بعض الشئون , إستقبل سيدي رسول الله صلي الله عليه وسلم هذا الوفد النصراني في مسجده وقبل هداياهم بل حدث أكثر من ذلك أنه عندما حان موعد صلاتهم أستأذنوا الرسول الكريم صلي الله عليه وآله أن يقيموا  صلواتهم بالمسجد فأذن لهم , ما أروعك يا رسول الله صلوات الله عليك وسلامه.

إن محمدا صلي الله عليه وسلم أعطي القدوة والمثل في التعايش السلمي بين الأديان , أقرأوا وثيقة المدينة أعزائي القراء , أنها أول دستور يساوي بين المواطنين في مجتمع المدينة فكل فرد في المدينة له مثل ما لغيره من الحقوق وعليه مثل ما علي غيره من الواجبات لا فرق بين مسلم أو مسيحي أو يهودي , لقد كان صلي الله عليه وسلم يحترم النفس البشرية أيا كانت ديانتها وتجلي ذلك في الحديث الصحيح  "إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مرت به جنازةٌ فقام . فقيل : إنه يهوديٌّ . فقال " أليستْ نفْسًا " 
الراوي : سهل بن حنيف و قيس بن سعد المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم:961
خلاصة حكم المحدث: صحيح

أنها الدرس الرائع والأسوة الحسنة والمنهاج الذي ينير طريق البشر جميعا , أنه درس من دروس  المحبة و التسامح وإحترام النفس البشرية , فكيف لا نعمل بالقدوة والأسوة الحسنة التي أقرها الله سبحانه لرسول الكريم صلي الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } الأحزاب21

أننا معشر المسلمين نؤمن بالله وكتبه ورسوله , إن الله ينهانا عن الذين لم يقاتلونا  بسبب الدين ولم يخرجونا من ديارنا أن نكرموهم بالخير ونكون عادلين معهم بإحسانهم وبرهم لأن الله يحب الذين يعدلون لا في أقوالهم بل وفي أفعالهم أيضا ,  {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الممتحنة8 

هذا أمر الله جاء في العموم أن نحسن ونبر كل من لم يقاتلنا أو يخرجنا من ديارنا حتي ولو كان كافرا فما بالك بأهل الكتاب من المسيحيين أخواننا في الوطن وفي الدم , لقد أختلط دم المسلم بدم المسيحي في كافة الحروب التي خاضتها مصر عبر تاريخها الطويل , أفبعد ذلك نبخل بكلمة تهنئة لأخواننا المسيحيين في عيدهم الأغر المجيد , والله لعار علي كل مسلم لا يقول لأخيه المسيحي " كل سنة وأنت طيب", أنها كلمة طيبة والكلمة الطيبة صدقه. أنه حديث صحيح لرسول الهدي محمد صلي الله عليه وسلم رواه  أبو هريرة والمحدث:ابن حبان والمصدر: المقاصد الحسنة - الصفحة أو الرقم: 378 , وخلاصة حكم المحدث: [صحيح]

لقد ذهب الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم إلي أبعد من ذلك في كرم لم يسبق له مثيل منذ خلق الله الأرض وما عليها وفي سابقة لم يشهد لها تاريخ الحروب مثيلا  عندما أطلق سراح عشرة آلاف أسيرا من الكفار وهم الدين  أخرجوا المسلمين من ديارهم وعذبوهم  وقاتلوهم.

أنها حقائق ثابتة وتاريخ موثق وسيرة عطرة لرسول كريم صلي الله عليه وسلم .. أنه الرسول الأعظم الذي أدبه ربه وعلمه وأمرنا بأخذ ما يأتينا منه وننهي بما نهانا عنه ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } الحشر جزء من آية 7 

وأخيرا من كان يومن بالإسلام دينا وبمحمد رسولا عليه أن يتبع سنتة ويتأسي بسيرته العطرة في حب النفس البشرية والعدالة الإجتماعية والعيش المشترك والتسامح الجميل ليحيي كل من علي الأرض في حب وخير وسلام.