دراسة تؤكد أن سن الثلاثين ذروة التوتر النفسي في حياة المرأة، وأن أكثر من نصف النساء غير راضيات عن مظهرهن بسبب التقدم في العمر والانشغال بالمسؤوليات.
وفقاً لدراسة حديثة، فإن المسؤوليات الكثيرة والأدوار العديدة في حياة المرأة قد تعني أنها وصلت مرحلة منتصف الثلاثينات من عمرها، أو بمعنى آخر، المرحلة الحرجة من حياتها، حيث يكون فيها التوتر والإجهاد النفسي في ذروتهما.
تتوزع مسؤوليات المرأة – في الغالب- بين تربية الأبناء والبدء في تكوين أسرة، إضافة إلى مسؤوليات إدارة المنزل العصرية التي تنطوي معظمها على إدارة الأمور المالية، وصولاً إلى السعي إلى تحقيق النجاح في الحياة المهنية. وتسهم هذه المسؤوليات جميعها في تسليط (كمية) لا بأس بها من الضغوط النفسية عليها في هذه السن بالذات، إذ يتوقع العلماء أن تكون المرأة قد وصلت إلى مفترق الطرق في محاولتها خلق موازنة منطقية بين المنزل والعمل في سن الـ 34 تحديداً.
وأشار المشرفون على الدراسة إلى أن المرأة قد تبدو أقل توتراً وأكثر شعوراً بالسعادة في العقد الثاني من عمرها، وتحديداً في منتصف العشرينات من عمرها، حيث يمثل بلوغ ربع قرن من العمر ميزة حسب دراسة بريطانية شاركت فيها 2000 سيدة في أعمار متنوعة.
وأكدت معظم المشاركات أنهن كن في قمة تفاؤلهن وسعادتهن عندما بلغن سن الخامسة والعشرين، ويعزى ذلك إلى أن المرأة في هذه السن تكون قد بدأت حياتها العملية تواً وحصدت أولى ثمرات النجاح وجني المال، حيث تعيش للمرة الأولى مشاعر الاستقلالية المادية وبالتالي إمكانية البدء في الاستمتاع بمناحي الحياة الاجتماعية الجيدة مع وجود التزامات مالية محدودة، كونها في مستهل حياتها.
وعبرت خمس عدد المشاركات (أي ما يعادل 18 بالمئة منهن)عن استيائهن من الضغوطات التي تسببها المسؤوليات الجسيمة التي تقع على عاتق المرأة في سن الثلاثين بالذات، وتحديداً في الفئة العمرية الواقعة بين 35 و44 سنة، فيما أكدت 12 بالمئة منهن على أن كسب المزيد من المال قد يشعرهن بالسعادة أكثر من أي شيء آخر، في حين عبرت نسبة كبيرة من المشاركات (حوالي 15 بالمئة) عن رغبتهن في إنعاش علاقاتهن وحياتهن الاجتماعية مع الأهل والأصدقاء، حيث يمكن لهذا العامل أن يحدث التأثير المطلوب في نظرتهن إلى الحياة.
من ناحية أخرى، شكلت هيئة وقوام الجسد سبباً مهماً من شأنه أن يعزز الضغط والتوتر النفسي في هذا العقد من العمر، إذ عبّرت أكثر من نصف المشاركات في الدراسة (حوالي 53 بالمئة) عن غضبهن وحنقهن من عدم تناسق أجسادهن وعدم حصولهن على القوام المناسب والشكل المقبول بسبب التقدم في العمر والانشغال بالمسؤوليات الكثيرة.
بعض النساء ينظرن إلى الأحداث السيئة في الحياة باعتبارها منطلقاً لبذل مزيد من الجهد وليست مصدرا للإحباط
وترى بولا ديفس لاك ماب، وهي باحثة وكاتبة أميركية متخصصة في علم النفس ومؤسسة معهد لاك ماب للضغوط النفسية وكيفية التعامل معها، ترى بأن المرأة أصبحت أقل سعادة حسب نتائج الأبحاث التي أجريت في السنوات الأخيرة، سواء تعلق الأمر بها شخصياً أو بعلاقتها مع الرجل، ثم إن تراجع إحساس المرأة بالسعادة قد اتخذ صبغة التعميم وأصبح مثل غيمة خيمت على العاملات وربات البيوت، المتزوجات والمطلقات، صغيرات السن والمتقدمات في السن، كما يبدو الأمر وكأنه سمة عالمية مع اختلاف الأسباب، في حين طرحت هذه الأبحاث مجموعة من الأسئلة تتعلق بالتناقض الحاصل مع ما حققته واكتسبته النساء من امتيازات في ظل توظيف التقنية الحديثة لخدمتها، وخاصة في ما يتعلق بأعمال المنزل، وتراجع نسبة سعادتها أو تضاعف مسؤولياتها في الوقت ذاته.
وتؤكد لك ماب، أن معظم إجابات النساء المشاركات في الأبحاث حول مفهومهن عن السعادة، تمحورت حول الزواج وإنجاب الأطفال وكسب المال والنجاح المستمر في العمل، مع التركيز بصورة واضحة على محاولاتهن المستمرة في إنقاص وزنهن ورغبتهن في الحصول على مظهر مثالي.
ووفقاً لنتائج بحث أشرفت عليه الدكتورة سوزان نولين هوكيزما، تبين أن هنالك بعض مواطن قوة وإرادة لا تنضب تمتلكها معظم النساء ويمكنهن توظيفها لمصلحة تحقيق أهدافهن، في حالة استخدامها وفق استراتيجيات معينة. وتتركز مكامن القوة هذه في فئات معينة، منها العقلية، حيث تمتلك بعض النساء مرونة وشمولية في التفكير المنطقي ونظرة ثاقبة إلى الأمور، كما ينظرن إلى الأحداث السيئة في الحياة باعتبارها منطلقاً لبذل مزيد من الجهد وليست مصدراً للإحباط، وهنالك قوة الهوية الذاتية، وهي تمنح المرأة ثقة وشعورا قويين بقيمة الذات يدفعانها إلى العمل في اتجاه تحقيق أهداف الحياة ذات المعنى، وهذه من أهم الاستراتيجيات التي يمكنها أن تحقق السعادة والرضا.
أما نقاط القوة العاطفية التي تمتلكها معظم النساء، فتمكنهن من فهم أنفسهن ومشاعرهن، إضافة إلى مشاعر الناس من حولهن، وهذا يوضح رؤيتهن إلى الخير من خلال تعاطفهن مع الآخرين، الأمر الذي يحقق لهن شعوراً بسعادة ذاتية من خلال السعادة التي يمنحنها للآخرين. من ناحية أخرى، فإن المرأة لديها قدرة فاعلة على خلق العلاقات مع الآخرين، مما يشكل عنصر دعم قوي لتجاربها الشخصية، إذ توظف علاقاتها مع الناس في محيطها لصالحها وذلك بالعمل على تطبيق مواطن النجاح فيها وتجنب مواطن الخطأ، وهذا يحميها أحياناً من الوقوع في براثن التجربة الذاتية.