الإعاقات الحسية تعود إلى
عوامل تتعلق بسلامة الحمل
|
معرفة الحامل بالعوامل المسببة للإعاقات والتشوهات تمكنها من حماية طفلها من الأمراض التي قد تطور إلى مشاكل في الإبصار أو السمع.
القاهرة- سلامة المولود من الإعاقة أكثر ما يشغل بال الحامل والأطباء المتابعين لحالتها الصحية ولنمو الجنين، ذلك أن نسبة إنجاب أطفال مشوهين أو حاملين لإعاقة قد تزايدت في السنوات الأخيرة رغم تقدم الطب الحديث، ولهذه الإعاقات أسباب كثيرة يمكن للأم تجنبها وحماية الجنين منها لو أحيطت علما بسبل الوقاية منها.
ثمة بعض الحالات يكون فيها التشوه مرتبطا بعامل وراثي تحمله الكروموزومات وجينات الأصباغ الوراثية التي تكون مسؤولة عن 50 بالمئة من قابلية الجنين للحالات المرضية، كما يعد استخدام العقاقير الطبية من قبل الأم أثناء الحمل من بين أهم العوامل التي تسهم في إحداث العيوب الخلقية خاصة السمعية والبصرية، وتأتي في الدرجة الثانية ما قد يتعرض له الوليد أثناء عملية الولادة من عوامل مثل نقص الأكسجين والاختناق وإصابات الدماغ التي قد ينتج عنها نزيف حاد في الدماغ.
يقول د. عادل عبدالله محمد أستاذ الصحة النفسية بجامعة الزقازيق: إن الحالات المسببة للأمراض ما قبل الولادة تضم مجموعة من العوامل الوراثية، حيث تكون مسؤولة عن حوالي نصف حالات الإعاقة السمعية والبصرية، ومثلما تنتقل بعض الصفات تنتقل الحالات المرضية عبر الكروموزومات الحاملة لهذه الصفات مثل ضعف الخلايا السمعية، أو العصب السمعي، أو أمراض العين، أو بعض حالات فقدان البصر، وتزداد احتمالات ظهور مثل هذه الحالات بين زيجات الأقارب ممن يحملون تلك الصفات، فمعلوم أن العناصر الضعيفة وراثياً هي الأكثر انتقالاً من جيل السلف إلى جيل الخلف، وقد تظهر الإصابة بما يعرف بالصمم الوراثي، إما في مرحلة الطفولة أو ما بعد مرحلة الطفولة وحتى الأربعينات من العمر.
التشوهات الخلقية لدى الولود تنشأ من عدة عوامل منها أن تتعرض الأم لبعض الأمراض خلال الثلاثة أشهر الأولى للحمل
ويضيف أن الابن الذكر يتأثر دون الأنثى بحالات الصمم المنقول عن طريق جينات الوراثة، إذا ما كان كلا الوالدين أو أحدهما أصم أو فاقدا للبصر وقد يعود فقد البصر إلى “جين سائد” حيث يولد الطفل أصم أو فاقداً للبصر جراء عامل الوراثة.
ويوضح د. أسامة زكريا أستاذ جراحة الأطفال في جامعة قناة السويس وجود بعض المتلازمات، المؤثرة على حياة الطفل، حيث تعتبر متلازمة “أوشر”، الأكثر شيوعاً، من بين الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الإعاقة الحسية المزدوجة، حيث يولد الطفل فاقداً للسمع كلياً أو جزئياً، وما يلبث أن تتطور لديه مشاكل في الإبصار نتيجة التهاب الشبكية الوراثي الذي سرعان ما يتطور إلى ضمور في خلايا الشبكية مما يؤدي في غضون بضع سنوات إلى العمى الكلي أو العمى مع وجود بقايا بصرية لدى الطفل. وهناك ثلاثة أنماط من هذه المتلازمة وهي “أوشر1” حيث ويولد الطفل ولديه مشاكل عديدة في التوازن، نظراً إلى وجود مشاكل في الأذن الوسطى.
أما النمط الثاني “أوشر 2” فيولد الطفل ثقيل السمع، ومع أنه يعاني من فقد للسمع يتراوح بين المستوى المتوسط والمستوى الشديد، إلا أنه لا يعاني من مشاكل في التوازن. في حين يتميز النمط الثالث “أوشر 3” بأن الطفل يولد بسمع طبيعي، ولكن قدرته على السمع لا تلبث أن تتدهور مع مرور الوقت، وقد تتطور لديه مشاكل التوازن مع وصوله إلى المستوى الشديد من فقد السمع.
أما متلازمة “باتو داون”، كما يوضح د. أسامة زكريا، فتعتبر بمثابة حالة شذوذ في انقسام الخلايا، حيث ينتج إثرها كروموزوم إضافي في الجين رقم (13) ويصبح متضمناً لثلاثة كروموزومات، والزيادة الكروموزومية تؤثر سلباً على الجنين بداية من الأسبوع الأول للحمل، وتحدث تأثيرا شديد السلبية على المخ، وأمراض القلب، والعمى، والصمم، حيث يولد الطفل أصم وأعمى في ذات الوقت، كما يكون فاقداً لحاسة الشم، وتبقى لديه فقط حاستا اللمس والتذوق. وتعرض هذا الطفل أيضاً للتخلف العقلي الشديد وللمعاناة من أعراض تشنجات. وتضم هذه المتلازمة أيضاً ثلاثة أنماط تشبه أنماط متلازمة داون.
العوامل الوراثية مسؤولة عن حوالي نصف حالات الإعاقة السمعية والبصرية لدى الآباء الجدد خاصة في حال زواج الأقارب
وفي ما يتعلق بالتشوهات الخلقية فإنها تنشأ من عدة عوامل، منها أن تتعرض الأم لبعض الأمراض خلال الثلاثة أشهر الأولى كإصابتها مثلا بمرض الزهري أو الإنفلونزا الحادة أو حمى الحصبة الألمانية، وهي أمراض تأثر بشكل مباشر على تكوينات الجهاز السمعي للجنين، إلى جانب جهازه البصري، أو أن تتعرض الأم لأمراض البول السكري أو تعاطيها لبعض العقاقير كالأسبرين في حالات الصداع أو استهلاكها للكحول أو التدخين، وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى ظهور العديد من الأعراض المرضية كأمراض فقر الدم، وحدوث النزيف الدموي قبل الولادة وبعدها، وحدوث تشوهات جنينية مثل تلف أنسجة المخ، وضعف السمع أو الإبصار، أو تلف الأعصاب المرتبط بها، أو حالات حدوث ثقوب في القلب، والضعف العقلي، كما أن تعاطي عقاقير معينة بغرض الإجهاض تؤدي إلى انعكاسات سيئة على الجنين وعلى الأم.
ويعرض تعاطي الأم للكحوليات أثناء الحمل الجنين بشكل كبير لعملية تأخر في نموه الجسمي والعصبي والعقلي، ويقود إلى حالات التخلف العقلي أو اضطراب التوحد، كما يؤثر سلباً على العصبين السمعي والبصري، مما يؤدي إلى حدوث الإعاقة لإحدى هاتين الحاستين أو كلتيهما.