التعصب والهوس الديني هو الذي أدي إلي هذه الأحداث المؤسفة بين المسلمين والمسيحيين وليس هناك من سبب لهذا التعصب والهوس الديني الإ سبب واحد وهو السبب البعيد أي أننا دائما ننظر الي الأسباب القريبة كزريعة لتلك الأعمال مثل تعميد أحد المسلمين ودخوله في النصرانية أو دخول أحد المسيحيين في الإسلام , والأسباب القريبة كثيرة منها أيضا الحالة النفسية للجاني مثلا كأن يكون مختلا عقليا أو واقع تحت ضغوط معيشية معينة أو مشاجرة بين مواطن ومواطن أخر مختلفين في الديانة والعقيدة , وقد تكون المشاجرة علي خلفية مدنية وليست علي خلفية دينية وما الي ذلك ..
أعود الي السبب البعيد وأقول أن التربية الخاطئة للأطفال منذ الصغر والتي تقوم علي بث روح الكراهية للآخر وتغذية أسباب الإحتقان بشكل عام تجاه الآخر في الدين او الحزب أو النادي , فعندما يري الطفل أبويه وهما القدوة لديه والأسوة يذكرون الآخر بسوء ويرمونه بالكفر والإلحاد ويسفهون من لا يدين بفكرهم ينشأ الطفل وتنشأ معه عقدة الكراهية لمن ليس من دينه أوعقيدته او توجهه السياسي.
وتزداد الطين بلة عندما يسمع من رجال الدين والأممة في خطبهم بالمساجد وعلي الفضائيات الدينية خطابا تحريضيا بتفسيرات خاطئة وتأويلات غير صادقة من آيات الذكر الحكيم والسنة المباركة ضد الأخر يتولد عنده الإيمان القاطع بأن هؤلاء الذين يخالفون فكره وثقافته هم كفار آثمين.
وبما أن الشعب المصري شعب متدين بطبعه والعاطفة الدينية الإيمانية لديه في منزلة القلب من الجسد فأنه يقبل هذه الأفكار ويذرعها في أرض الطفولة البريئة لتنمو تطرفا وفكرا ضالا وبالتالي سرعان ما تتحول إلي أفعال عندما يكبر الطفل ويصير شابا.. هذه الأفعال التي نراها من حين الي حين ما هي إلا التنفيس الطبيعي لبركان التعصب والكراهية في صدر الشاب وبالتالي يرمي بمقذوفاته تجاه كل من يخالفه في توجهاته في شكل إعتداءات وبذاءات وبلطجة.
لن تتوقف مقذوفات هذه الحمم الا بمنهج جديد في التربية في البيوت لجيل جديد يعتنق فكرة المواطنة وقبول الآخر تحت مظلة الأمة المصرية والدولة المدنية , إن مصر هي الأم التي طالما احتضنت أبنائها من مسلمين وأقباط ويهود وكانت قبل ذلك مهد للأديان ونزل بها الأنبياء ومن أجل ذلك كانت مصر هي وطن الجميع وكان الدين لله وحده من شاء فليأمن به ومن شاء فليكفر والله غني حميد , أما الوطن فللجميع.