بحث داخل المدونة

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

عشماوي‘ يروي تجاربه .. اعدمت 1070 متهما

-->
يصعد المتهم فوق الطبلية بعد أن يتم قياس وزنه ويوضع حبل من نوع خاص فوق رقبته، ثم يرتدي الطاقية السوداء فوق
رأسه ويسمع سؤالا واحدا "نفسك في إيه؟"،

نقلا عن اليوم السابع 
ثم يقترب منه عشماوي ويسحب ذراع الطبلية بعد أخذ إشارة التنفيذ من رئيس المصلحة أو أحد ممثلي القضاء فتنفتح، ويسقط جزء من جسده ليمنحه تأشيرة الدخول إلى العالم الآخر.
"عشماوي" القاتل الشرعي فى مصر، فتح خزائن ذكرياته وسرد كواليس وقصصا غريبة من واقع غرفة الإعدام، في لقاء استمر قرابة 4 ساعات متواصلة، يسترجع من خلالها الرجل أصعب المواقف وتتأثر ملامح وجهه بكلامه، ثم يتوقف ويصر أن يعزمنا على مشروب فيقول: "نفسك في إيه".. وتعود الابتسامة لوجهه مرة أخرى.

المشنقة .. حلم حياتي
"حسين قرني حسين الفقي، دا اسمي، بس شهرتي "عشماوي" من مواليد 1947 بمدينة طنطا، دخلت الجيش وخرجت منه سنة 67 أيام النكسة "أيام الله لا يوريها لكم يا رب"، وقدمت طلبا للسماح لي بالعمل بقطاع السجون "عسكري"، وبعدها بأيام وصلني خطاب يطالبني بالتوجه إلى سجن الاستئناف بالقاهرة لعمل الاختبارات، ونجحت فيها وكنت محبوبا جدا وسط زملائي، وبقيت بمصلحة السجون بالقاهرة لمدة 15 سنة، حارسا، وكانوا يستفيدون من بنيان جسمي الضخم في إرسالي مع المساجين الخطرين لحراستهم، وبعدها أرسلوني إلى محافظة قنا حيث عملت بها لمدة 4 سنوات، 

وكنت أشاهد "عشماوي" وأتمنى أن أكون مكانه، فكانت "المشنقة" حلم حياتي، وكان "عشماوي" بياخد في المرة الواحدة 5 جنيهات، بينما راتبي في الشهر كاملا كان 15 جنيها، وجلست مع نفسي ودعيت أن أعمل حتى ولو مساعدا لـ"عشماوي" وبالفعل خرج أحد مساعديه "معاش" وطلبوني بالقاهرة وسافرت، وتم اختياري مساعدا لـ"عشماوي" وكنت أسافر معه محافظات كثيرة، وكان دوري يقتصر على إحضار المتهم من غرفته وإحكام السيطرة عليه واقتياده لمكتب مأمور السجن ثم توصيله إلى غرفة الإعدام.

اول حالة اعدام نفذتها في سيدة وشاب
ويضيف: " ذهبنا ذات مرة لإعدام متهم بطنطا وليلتها حل التعب بـ"عشماوي" ونقلناه للمستشفى بعدما أصابه نزيف حاد، لكننا تمكنا من تنفيذ الحكم في الصباح، وعدنا بـ"ميكروباص" إلى القاهرة، ونظرا لمشقة السفر وطول الطريق ساءت حالة "عشماوي" ومات، وصعدت بدلا منه وأصبحت أنا "عشماوي" الأوحد فى مصر، أيوه يا ابني زي ما فيش غير رئيس للجمهورية ما فيش غير عشماوي واحد".

وتابع : " 1998 لا يمكن أن أنسى هذا العام حيث كانت أول حالة إعدام أنفذها بنفسي، اتصلوا بنا وقالوا لي فيه حالة إعدام لشخصين سيدة وشاب بطنطا، وتملك الخوف قلبي وخاصمني النوم 48 ساعة، منذ أن سافرت من القاهرة حتى وصلت طنطا، وعرفت أن فلاحا كان معه 4 أولاد يعملون معه في زراعة الأرض عدا ابنه الأخير، حيث كان شابا يهتم بمظهره ولا يساعد أشقاءه في أعمال الزراعة، وكان يسهر طوال الليل وينام حتى الظهر، وعندما يستيقظ يجد زوجة أخيه فيطلب منها أن تحضر له الأكل، وشيئا فشيئا حدث بينهما قبول ثم تحولت إلى علاقة غير شرعية، انتهت بقتلهما لشقيقه وحكم عليهما بالإعدام، حيث نفذت الحكم في السيدة أولا ثم الشاب".

واردف عشماوي : " بعدها حصلت على الثقة في نفسي وبدأت أنفذ العديد من عمليات الإعدام، كان أبرزها إعدام 6 أشخاص في يوم واحد، وكانوا متهمين في مذبحة "بيت علام" بسوهاج، كما أعدمت عزت حنفي إمبراطور المخدرات في الصعيد، وكان "ولد دكر" بمعنى الكلمة لم يهب الموت، ودخل لغرفة الإعدام متمالكا نفسه، رافعا رأسه وطلب رد الحقوق إلى الأشخاص الذين ظلمهم بجزيرة النخيلة، وكان متحدثا وعرفت أنه واخد بكالوريوس حقوق، عكس شقيقه "حمدان" الذي تم إعدامه في نفس اليوم وكان خائفا، وأكثر مرة أصبت بالإجهاد يوم ما أعدمت 10 أشخاص بسجن الزقازيق، 

وكانوا متهمين فى قضية المخدرات الكبرى، حيث تم القبض عليهم أثناء تواجدهم فى سفينة محملة بالمخدرات، وتبين أنهم "شيالين" وعمال من السودان وكان معهم قبطان من الهند اسمه "سيخ".. ايوه أنا فاكر اسمه..أنا مش باقول كلام وبس دا من واقع أوراق القضايا".

" نفذت الاعدام في 1070 متهما "
وتابع : " نفذت الإعدام في 1070 متهما، وأغرب مرة لما كنت فى سجن شبين الكوم لإعدام سيدة، حيث حدث زلزال وسادت حالة من الهرج والمرج بالمكان وأطلقت النساء الزغاريد، بحجة أن المتهمة صاحبة "كرامة" وأنه لن يتم تنفيذ الإعدام عليها، إلا أننا الحمد لله تمكنا من إعدامها".

وعن كيفية تنفيذ الإعدام قال: "يتم إخطاري بالواقعة قبلها بأسبوع وأسافر إلى السجن الذي سيتم تنفيذ حكم الإعدام بداخله قبلها بيوم، وأبيت في استراحة السجن، طبعا عيني مش بتشوف النوم، وألقي نظرة على المتهم "عشان أحدد طوله ووزنه" لأن لكل شخص حبلا معينا حسب الطول والوزن، ثم أتأكد من سلامة الطبلية والمكان، وأنزل إلى المتهم في الخامسة فجراً ويتم فتح غرفة الحجز الخاصة به، وإعطاؤه حبوبا مهدئة تجعل جسده يسترخي إلى حد ما، ثم يسحبه المساعدان بقيود حديدية إلى غرفة المأمور ويظل بها من الساعة الخامسة وحتى السابعة صباحا وقت التنفيذ، ودول يا ابني أصعب ساعتين في حياته، يسترجع ذكرياته "يبكي.. يصرخ.. ينظر إلى السماء.. يضع يده على رأسه" يتأكد أن الدنيا لا تساوي شيئا، ثم يتم اقتياده إلى غرفة الإعدام وعقارب الساعة تتوجه إلى السابعة صباحا، ويتم استبدال القيود الحديدية بأخرى من جلد حتى لا يؤذي نفسه، وطبعا يكون مرتديا للزي الأحمر، بينما أنا ارتدي الملابس السوداء، ويكون برفقتنا قرابة 50 شخصا من الطب الشرعي والقضاة ومندوب من مديرية الأمن التابع لها وشيخ في حالة لو كان مسلما وقسيسا في حالة إذا كان قبطيا، ومأمور السجن وعدد آخر برفقته".

يقف المتهم وسط مساعدي الأول والثاني، أمام غرفة الإعدام المكتوب عليها بالخط الأحمر "غرفة إعدام"، ويتم قراءة ملخص سريع للقضية، إنه في يوم كذا حدث كذا وصولاً إلى صدور حكم عليه بالإعدام شنقا، وعند كلمة شنقا أتحرك أنا نحوه وأستلمه وأتوقف به ثوان حتى يقول له الشيخ: "قول يا ابني ورايا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، ويرددها المتهم، ثم أضع "الطاقية" السوداء على رأسه، وسائل صابون حول الحبل قبل وضعه حول عنقه، ثم يقف قرابة دقيقة، وأنتظر الإشارة حيث اسحب "السكين" ليسقط في البئر مشنوقا، حيث تحدث هذه العملية كسرًا في فقرات الرقبة وتهتكًا في النخاع الشوكي، فيموت على إثرها المحكوم عليه خلال دقيقة أو دقيقتين على الأكثر، ويترك بعدها لمدة 10 دقائق في فصل الشتاء وربع ساعة بفصل الصيف في الحبل حتى يتجلط الدم الذي ينزف منه عقب عملية الشنق.

أنزل أنا برفقة مساعدي لنقل الجثة من البئر عقب إتمام عملية الشنق، حيث تختلف غرفة الإعدام من حيث المساحة من سجن إلى آخر، ولكن في العموم تكون في المتوسط 4 متر بعرض 3 أمتار، يتوسطها طبلية خشبية، أسفلها بئر عميقة لمسافة 4 أمتار، بها سلم حديدي، ويعلو الطبلية "بلانكو" من الحديد على ارتفاع مترين يربط فيه الحبل، والطبلية عبارة عن ضلفتين يقف عليهما المحكوم عليه بالإعدام، وتفتحان بواسطة ذراع حديدية فى الجانب الأيمن تسمى "السكينة"، وعندما يأمرنى رئيس النيابة بالتنفيذ أسحب الذراع لتفتح ضلفتا الطبلية، ويسقط المحكوم عليه في البئر، وهو مكتوف اليدين بواسطة حزامين جلديين، ومعلقا من الرقبة في الحبل المصنوع خصيصا لذلك، والبئر في السجون القديمة تكون أسفل الحجرة، أما السجون الحديثة فقد جعلت غرفة الإعدام بالطابق الثاني، والبئر تكون بالارضي، أما بالنسبة للحبل فهو من الحرير وبه 20% كتان نستورده من إنجلترا، لكنه أصبح يصنع الآن فى مصر، ولا يتم استعماله إلا 3 مرات، ويتحمل حتى 800 كيلو".

" نفسك في ايه "
وتابع عشماوي :" ( نفسك في إيه) دا سؤال بيقوله مسؤول السجن للمتهم قبل تنفيذ الإعدام عليه، فيه ناس بتطلب طلبات معقولة كوصية أو أداء الصلاة، بنسمح له أن يتوضأ ويصلي وأضع يدي أسفل رأسه عند السجود خشية أن يلطمها في الأرض ويؤذي نفسه، ومنهم من يطلب مطالب مستحيلة التحقيق، كأن يرى والدته أو أحد الأشخاص، ومنهم من يردد "أنا بريء اتركوني" ومن يبكى ومن يتبول على نفسه خوفا من الموقف".

" اثنتان من زوجاتي طلبتا الطلاق "
"عشماوى" ذو البنيان الضخم والشارب الطويل واليد العريضة، قال: " دفعت ضريبة طبيعة عملى عندما طلبت اثنتان من زوجاتي الطلاق بسبب عملي، حيث كانتا تتقززان من هذه المهنة خاصة عندما أعود وهناك آثار للدماء بملابسي، حتى أكرمني الله بزوجتى رقم "3" التي تحملت معي ووفرت لي الحياة المناسبة وأنجبت منها ولدين".

ومن جانبها، أكدت زوجة عشماوي أنه بالرغم من أن زوجها معروف عنه قسوة القلب لأنه ينفذ حكم الإعدام في المتهمين ويراهم يموتون أمام عينه، إلا أنه صاحب مشاعر وأحاسيس داخل منزله، يتمتع بالقلب الطيب، يزعجه لون الدماء عندما يراها تسيل من زوجته أو أحد أبنائه إذا ما أصابهم مكروه، فهو زوج حنون وأب مثالي".
-->

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقاتكم موضع إهتمامنا دائما , شكرا لكم