كتب المدون / عبد المنعم عمر
الفكر ثلاثة أنواع بشكل عام .. الفكر البدائي والفكر الديني والفكر العلمي .. هذه إستدلالة لا بد منها للتعرف علي أي فكر هو السائد في مصر لدي قطاع عريض من شعب مصر ..
إن الفكر السائد لدي أكثر من تسعين في المائة من الشعب المصري هو مزيج من الفكر البدائي والفكر الديني .. اما الفكر العلمي فلا يتبناه إلا حوالي عشرة في المائة من تعداد سكان مصر البالغ أكثر تعدادهم أكثر من خمسة وثمانين مليون نسمة ..
وهنا أنوه أن معتنقي الفكر البدائي المحسن بالفكر الديني لا يعني ان أصحاب هذا الفكر او المنهج هم من يعانون الجهل أو عدم أو قلة التعليم وإنما هو فكر وأسلوب حياة سائد لدي الكل متعلمين وغير متعلمين .. رجال ونساء ومن يتشكك في هذا الكلام فاليرجع إلي حوادث النصب التي ومازالت سائدة في المجتمع المصري من أناس حرفتهم إستغلال هذه الطائفة الكبيرة من الناس لإبتزاز أموالهم مقابل شفائهم من الجن والعفاريت التي تلبس أجسادهم او شفاء داء عضال عن طريق تسخير الجن او طلبا للحب من فلان أو كراهية لعلان وإقامة حفلات الزار مازالت حاضرة في المدن والريف علي حد سواء .
إذن كيف يفكر المواطن المصري البسيط صاحب هذا الفكر فيمن ينتخبه في الإنتخابات البرلمانية المزمع إجرائها في الثامن والعشرين من هذا الشهر نوفمبر 2011 ؟ .. إن الأكثرية من الشعب المصري لا تعرف ماذا يعني دستور وماذا يعني تشريع ولا تعرف ما هو عمل النائب في البرلمان ولا تعرف كثيرا من المصطلحات السياسية مثل اللبرالية والعلمانية واليسار ويمين و الوسط والتكنوقراط وغيرها .. إذن ماذا يعرف .. يعرف الله تمام المعرفة .. يعرف الذهاب الي الصلاة .. يعرف الجنة والنار .. يعرف الوقوف في طابور العيش .. يعرف الحصول علي حقه في المقررات التمونية .. إذن تصويت هذا القطاع الكبير من المصريين حتما سيكون علي خلفية دينية .. فيكفي قليل من الدعاية أن المرشح مسلم وبتاع ربنا لينتخبه .. لماذا؟ لأنه لا يعرف شيئا إسمه البرنامج الإمنتخابي وكل الذي يعرفه أن إنتخاب المرشح بتاع ربنا كما أوحي له سوف يزيد حسناته ويؤهله لدخول الجنة ..
الديمقراطية والحرية بالشكل التي هي عليه الآن .. هي نقمة وليست حسنة لأن ما يهم المواطن المصري لم يتحقق .. زادت البطالة وزادت الأسعار وزادت أعمال البلطجة .. ما يهم الشعب المصري في المقام الأول هو الأمن والأمان ثم العيش الكريم بأمكانينات معقولة وعليه أستطيع القول أن ثورة 25 يناير 2011 ما كانت لتندلع لو أن الشعب كان يجد قوت يومه بأسعار رخيصة ووظيفة وزوجة وشقة .
وفي سياق متصل نجد أن السلفيين لا يؤمنون بالديمقراطية والحرية ويرضون الحاكم الظالم ولا يخرجون عليه .. وهذا ما حصل إبان ثورة 25 يناير لم يخرجوا مع الشباب الثائر إلا بعد المؤشرات الدالة علي نجاح الثورة فركبوها والآن يسعون للسلطة وإكراه الناس علي إعتناق أفكارهم وتفسيراتهم للدين .
السلفيون والجماعة الإسلامية ينتهزون الفرصة الآن للوثوب علي الحكم من خلال الإنتخابات البرلمانية التي لم يبق علي إجرائها غير أيام معدودات .. وهم يسعون لإقامة الخلافة الإسلامة وطرد كل من يخالفهم في الرأي او يرفض إعتناق او علي الأقل يهاجر إلي خارج مصر .. إلي كندا وإستراليا كما صرح زغمائهم بل وأتهموا من يخالفهم الرأي بأنه لص وزاني وفاسد وجاء ذلك علي لسان عصام العريان المتحدث بإسم الجماعة .
نعود إلي موضوع هذا المقال وأقول أن الجماعة والسلفيين سيحصدون أصواتا كثيرة من أكثرية الناخبين البسطاء طالبي الثواب والجنة التي يوعدونهم بها وذلك لأن الشعب المصري شعب طيب متدين عبر العصور والدين عاطفة تنفذ إلي القلوب والضرب علي وتر الدين يجد صدي لدي هذا الشعب لأنه لا يهمه غير رغيف العيش في الدنيا والجنة مقاما في الآخرة .. ويذكرنا التاريخ بصكوك الغفران التي كانت تباع من قبل الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطي في أوربا .. وكان البسطاء من الناس يشترونها رغبة في دخول الجنة وكان المفهوم البدائي والديني آنذاك هو السائد كما كان هو السبب في تخبط أوربا في ظلام الجهل والإنحطاط والبعد عن الفكر العلمي وكان من يتبني نظرية علمية أو يقوم بعملية إجهاض لإمرأة علي وشك الموت كان يعدم أو يخوزق بخازوق يمر خلال داخل جسده حتي الموت .
الفكر العلمي لا يعني الكفر كما يدعي أخواننا من أهل الجماعة أو السلفية .. العلم هو أول مقاصد الشريعة ( كتاب مقاصد الشريعة لأبي إسحاق الشاطبي ) .. إن أول كلمة في القرآن الكريم هي أقرأ ( أقرأ وربك الأكرم ) سورة العلق الآية 3 و( الذي علم بالقلم ) سورة العلق 4 .. صدق الله العظم وقد أكد الله سبحانه في كتابه الكريم أيضا أن العلماء هم اول من يخشي الله في الآية الكريمة رقم 28 من سورة فاطر ( ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشي الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ) صدق الله العظيم .
وأخيرا كل ما نرجوه أن تمر الإنتخابات البرلمانية التي هي علي الأبواب .. أن تمر بأمن وسلام لا يقتل فيها إنسان أو يجرح وكلمة للبلطجية أتقوا الله في مصر ودعوا الشعب يقرر مصيرة بحرية وأمن وسلام وعلي كافة الأحزاب والأفراد والتي قد لا يحالفها الحظ في الحصول علي الأغلبية أو لا يحالفها الحظ في الحصول علي مقعد في البرلمان أن تتقبل رغبة وإرادة الشعب بكل ترحاب وصدر رحب وهذه هي الديمقراطية يوم فوز ويوم خسران .. ولا فوز دائم ولا خسران دائم ,, وسبحان من له الدوام ,