الدين والسياسة خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا وذلك لأن للدين ثوابت لا تتغير بالتغيير الزمن أو الجغرافيا او حتي الأفراد الذي يعبدون .. أما السياسة فليس لها ثوابت وهي تقوم علي قانون فن الممكن والممكن هذا متغيرفأحيانا جيد وأحيانا سيء والثابت في السياسة هو الميكافلية أي الوصول لهدف ما بأي وسيلة ما ولو كانت هذه الوسيلة شيطانية والعياذ بالله .. من أجل ذلك لا يجوز الخلط بين الدين والسياسة أو بين المطلق والنسبي .
ويذكر هنا أن جميع الشعوب التي خلط حكامها بين الدين والسياسة فشلت سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا بل ونقسمت بعض هذه الدول الي جزئين كالسودان وأحتلت دول أخري كأفغانستان وعانت دول أخري من المجاعة كالصومال ودارفور .. هذه النماذج من الدول خلطت بين الدين والسياسة ففشلت في كلتاهما الدين والسياسة معا
ويطالعنا التاريخ الأوربي كم كانت دول أوربا تعاني من التخلف والقهر في القرون الوسطي بسبب خلط الدين بالسياسة وممارسة الكنيسة القهر الديني في أوربا واستباحت لنفسها التدخل في كل شيء حتي الوعد بالجنة فكانت تبيع ما يسمي بصكوك الغفران يشتريها من يريد أن يدخل الجنة .. هكذا كانت أوربا تعاني من ظلام الجهل والقهر بإسم الدين ولم تنهض أوربا إلا بعد أن تخلصت من قبضة الكنيسة الكاثوليكية السياسية إبان عهد الملك هنري الثامن الذي فصل الكنيسة في روما عن الكنيسة في إنجلترا ونصب نفسه الرئيس الأعلي للكنيسة في إنجلترا عام 1534 بعد الإعتراض علي سلطات البابا المطلقة وعلي الكاثوليكية كمذهب متشدد وأنشأ مذهبا آخر هو المذهب البروستانتي ومنذ ذلك التاريخ شهدت أوربا نهضة كبيرة بفضل مفكريها وعلمائها وبزوخ عصر جديد هو عصر العلم وما تبعه من إختراعات أفادت البشرية جمعاء .
وهنا نطرح السؤال الملح هل سيمارس الأخوان والسلف .. الدين أم السياسة أم خليط بينهما في البرلمان المصري القادم؟
الحقيقة لا أستطيع الإجابة علي هذا السؤال وبصرف النظر عن التصريحات التي تصدر من بعض أفراد من الإخوان والسلف حول تطبيق الحدود وهدم التراث الإنساني الفرعوني بعتباره أصنام وإلغاء الفن بكافة أشكاله .. الحقيقة لا تزعجني هذه التصريحات لأن الكلام قبل الوصول الي الحكم غير الكلام بعد الوصول الي الحكم وهذه عادة الأحزاب وتصريحاتها وبرامجها التي دائما ما تتغير عند الوصول إلي الحكم ولكن بنسبة متفاوته مع الإحتفاظ بالثوابت السياسة كأمن اسرائيل مثلا في مذهب السياسة الأمريكية وهو مذهب لا يجوز الإقتراب منه من قبل أي رئيس للولا يات المتحدة .
دع الأيام تنبأ عما هو غامض الآن خصوصا ونحن لسنا بمتأكدين ممن سيصل الي الحكم ولكن في إعتقادي أن اي شطط من قبل من يحكم من الآن فصاعدا لن يستطيع الإنفراد بالحكم لمدد طويلة وسوف يكون مبدأ تداول السلطة هو سيد الموقف علي الساحة المصرية ولنن يستطيع كائنا من كان أن يسلب الحرية والكرامة من الشعب المصري العظم .. وليعلم من يحكم أن ميدان التحرير قائم وموجود ومفتوح 24 ساعة يوميا وشباب مصر موجود ويزيد كل يوم فمصر المحروسة ولادة وأبناؤها كتر وأذكياء ولا أحد يستطع أن يخادع هذا الشباب الواعد حتي ولو كانت أغلبيته مائة في المائة .. ولننتظر وإن غدا لناظره لقريب .