عبد الناصر مات كما يموت كل كائن ولكن أن يموت الإنسان وتظل أعماله ووطنيته حية بكل مكوناتها إذن هو لم يمت , إن جمال عبد الناصر رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم منذ ثلاثة واربعون عاما ولكنها لم تكن كذلك قل هي زمن توقف وتعطلت فيه الساعة وستظل معطلة إلي قيام الساعة , سيظل أوكسجين الحياة في دماء المصريين , سيظل حيا في النسيم الذي يستنشقه المصريون , سيظل حيا وهرما ورمزا لكرامة المصريين التي أهدرت وتبعثرت في غفلة من الزمن قد أصابتنا فيها غيبوبة عابرة بفعل فاعل.
عبد الناصر كان من عجينة التراب المصري , لم يكن من طبقة الباشوات والبكوات , لم يكن من أصحاب المال والنفوذ , كان رجلا يشعر بآلام الناس لأنه شعر بها , كان رجلا يدرك معني الكرامة كرامة كل مصري بل كرامة كل عربي ومن هنا تولدت زعامته ليست لمصر وحدها بل للعالم العربي , فهو مؤسس مفهوم العروبة والوحدة العربية وأدرك أن في الوحدة العربية القوة والمنعة والعزة والكرامة, ولأنه زعيم يحظي بصفة الزعامة والقيادة أدرك أن الحياد الإيجابي هو القوة التي تستطيع بها الشعوب النامية أن تنأي بنفسها عن الصراعات المقيتة بين القوي العظمي , فأسس حركة عدم الإنحياز مع الزعيمين رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو والرئيس اليوغسلافي تيتو إلي جانب 29 دولة ضمتها الحركة التي عقدت أول مؤتمر لهاهو مؤتمر باندونج 1955، والذي يعتبر أول تجمع منظم لدول الحركة المتطلعة لموقف يبعدها عن الصراعات الدولية وبالتالي عن مكائد وخداع المستعمر الأجنبي.
عبد الناصر كان زعيما شجاعا أزعج أعتي الدول مثل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وما يدور في فلكهم , وأحبط مؤامراتهم ومضي يصنع المجد لمصر , فأمم قناة السويس وبني السد العالي وأسس إذاعة القرآن الكريم تنطلق من القاهرة كما أسس إذاعة صوت العرب تدعيما للوحدة العربية التي نادي بها كقوة لا يستهان بها في مواجهة المستعمر الغربي , وهو الذي دعم الوحدة الوطنية في ربوع مصر فأصدر قراره بإذاعة قداس الأحد من الإذاعة المصرية وسمح للموظفين المسيحيين بالحضور لوظائفهم في العاشرة من كل يوم أحد بدلا من الثامنة , ولن أتحدث عن قوانين وقرارات لصالح غالبية الشعب قد أتخذها كانت تقتضيها المرحلة كي لا أطيل علي القاريء الكريم.
إسرائيل كانت تعتبر جمال عبد الناصر العدو الذي فاق في عداوته كلا من الفرعون ( الذي ذهب إليه موسي وأخوه هارون) , وأدولف هتلر ,, وأسوق هنا ما قاله مؤسس دولة إسرائيل بن جوريون ,, ماذا قال عن جمال عبد الناصر:
قال: كان لنا عدوا قديما هو فرعون مصر , وكان لنا عدوا حديثا هو أدولف هتلر أما جمال عبدالناصر فقد فاقت عداوته لإسرائيل كلا من الفرعون وهتلر , ودخلنا الحروب كي نتخلص منه ولكن لم نستطع , الموت هو الذي خلصنا منه.
رحم الله جمال عبد الناصر رحمة واسعة وعوض الشعب المصري عنه بخلف يكون جديرا لخير سلف ,,
ولنقرأ الفاتحة علي روحه الطاهرة.