هذا اليوم يوم السادس من أكتوبر سطرته صفحات التاريخ العطرة , سطرت الأمجاد والبطولات لجنود مصر البواسل بقيادة القادة العظام وعلي رأسهم الزعيم الشهيد محمد أنور السادات الذي أعطي إشارة البدء في يوم الملحمة يوم السادس من أكتوبر عام 1973 , هذا اليوم عبر الأشاوس من جنود الفراعنة أكبر مانع مائي عرفته الحروب عبر قرون التاريخ , أنه مانع مائي حصين أقامه العدو الإسرائيلي وأطلق عليه خط بارليف وتصوروا أن هذا الخط سيكون فاصلا لشبه جزيرة سيناء المصرية عن مصر الأم وتباهوا وأفتخروا بهذا الخط وظنوا أن لا أحد يقدر علي عبوره أو تحطيمة إلا بالقنبلة الذرية.
كان هؤلاء القادة الإسرائيليون واهمون أو حالمون ولم يدركوا أن في مصر فراعين بنت الأهرامات العملاقة منذ آلاف السنين ولم يتنبهوا أن من يبني مثل هذه الأهرامات العملاقة والتي تتجاوز في حجمها وضخامتها آلاف المرات من حجم هذا الوهم المسمي خط بارليف , وتناسوا هؤلاء الأعداء او تعاموا عن قاعدة أساسية في التشييد والبناء ألا وهي أن من يبني أسهل عليه أن يهدم , وقد كان فتم هدم خط بارليف بأيدي أحفاد الفراعنة البناة العظام ولم يستغرق منهم هذا غير ساعة أو بضع ساعة.
أزهلت عملية العبور العدو الإسرائيلي كما أزهلته بسالة وإقدام جنود وضباط جيش مصر الأبطال البواسل ولم يتصوروا أن هذا الجيش هو الجيش الذي حاربوه وإنتصروا عليه في غفلة من الزمن يوم الخامس من يونيو 1967 وفوجئوا ببراعة ومهارة الفراعين في ركوب الحرب لم يعهدوها خلال حروبهم المتعاقبة مع العرب منذ نشأة دولتهم في عام 1948 وأدركوا أن دولتهم قد غربت عنها الشمس.
هرولت إسرائيل إلي الولايات المتحدة صارخة هيا أقدمي لنجدتنا المصريون سيسحقوننا , أقدمي وإلا لن تجدوا إسرائيل علي وجه الأرض , ولما كانت الولايات المتحدة هي الأم الرؤوف لإسرائيل والتي إحتضنتها منذ ولادتها من رحم بريطانيا سنة 1948 فقد سارع الرئيس كارتر آنذاك بتلبية صرخة جولدا مائير رئيسة الكيان الصهيوني في ذلك الوقت , سارت ماما أمريكا بعدتها وعتادها عبر جسر جوي من بعض الولايات إلي أرض المعركة في سيناء , وصل المدد قبل أن تلفظ إسرائيل أنفاسها الأخيرة ولكن هذا لم يمنع تبخر حلمها بإقامة إسرائيل الكبري من النيل إلي الفرات.
توقف القتال بقرار سياسي وتم عقد هدنة ولولاها ولولا المساندة الأمريكية العسكرية والسياسية لدخل الجيش المصري تل أبيب وأزال شأفتها من الجذور , ولكن الله غالب علي أمره.
كانت ملحمة عسكرية فذة بكل المقاييس درست وما زالت تدرس في الكليات والمعاهد العسكرية كمادة أساسية في فنون الحرب بشكل عام وفن العبور من خلال مانع مائي مكين بالعدة والعتاد بشكل خاص وفن إقامة المعابر والجسور عبر ضفتين تفصلهما مساحة مائية كبيرة وفن المباغتة للقوات التي ترابط علي الضفة الأخري المحتلة وتدمير معظمها.
لم يكن 6 أكتوبر نزهة علي ضفاف البحر الأحمر ولكنه كان يوم الفدا يوم قدمت فيه مصر الشهداء الأبرار من جنود مصر الأسود , ومن المعلوم أن كل معركة ولها ثمن وكان الثمن هو الدم المصري الزكي الذي أرتوت به أرض سينا , قدموه كي يحافظوا علي دمائنا وأستشهدوا كي نعيش نحن أعزاء كرام.
ولأن لكل حرب ثمن فقد قدر الله لبعض الأبطال أن يدفعوا هذا الثمن , فأنعم عليهم بالشهادة مكافأة لهم علي حسن بلائهم في سبيل الله وسبيل الوطن الذي ذكره في كتابه الكريم بأنه آمن ومن يدخله فهو آمن وكان تأكيدا لقول حبيبه محمد صلي الله عليه وسلم عندما قال أن في مصر خير أجناد الأرض.
رحم الله الشهداء وفي مقدمتهم بطل الحرب والسلام محمد أنور السادات , هم الآن جميعا في جنة عدن التي تجري من تحتها الأنهار وهم خالدين فيها , وتحية من القلب إلي كل الجنود والضباط البواسل الذين يعيشون بيننا الآن , أمدهم الله بالصحة الحديد والعمر المديد , هؤلاء مع زملائهم الشهداء هم الذين رفعوا قدر مصر عاليا وجعلوا من كل مصري رافعا الرأس مرددا أنا المصري سليل الفراعين أصحاب الحضارة يوم كان العالم لا يعرف ماذا تعني كلمة حضارة.
شكرا للقاريء الكريم وأرجو ألا أكون أطلت عليه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,