مقالة للكاتب/ عبد المنعم عمر الخن
يبدو أن حمادين صباحي المرشح الخاسر في الإنتخابات الرئاسية المصرية التي أجريت مؤخرا , قد أصيب بنفصام في الشخصية بعد ما تلقي ضربة قاضية في هذه الإنتخابات والتي لم يصل فيها حتي إلي عتبة الـ 4% , وبالرغم من أن الإنتخابات كانت بين متنافسين أثنين إلا أن حمادين صباحي جاء ثالثا في التريب بعد أن تقدمت الأصوات الباطلة عليه وأحتلت المركز الثاني أو مركز الوصيف للمرشح المكتسح عبد الفتاح السيسي.
أنفصام الشخصية الذي أصاب المرشح الخاسر بدا واضحا عندما أقام أمس مؤتمرا لحملته الإنتخابية وأنبري يخطب خطابا "حنجوريا" من موديل الخمسينات من القرن الماضي عندما كان ينطلي علي الشعب كل ما يقوله الخطيب ويصدقه ويصفق له , وهذا ما حصل بالفعل.
أمس صباحي فتح حنجرته علي مصراعيها وسط قلة من أعوانه التي راحت تصفق له كلما وجه الإساءات والإنتقادات والتشكيك في العملية الإنتخابية فأساء إلي جميع أجهزة الدولة الجيش والشرطة والقضاة والحكومة والإعلام ورجال الأعمال وأتهمهم بالإنحياز إلي المرشح الفائز بإكتساح ووصل إلي أبعد من ذلك إذ أتهم بعض اللجان الإنتخابية بتسويد البطاقات لصالح المرشح المنافس , ومن يشك في هذا الكلام عليه أن يرجع إلي خطابه بالأمس وهو منشور علي اليوتيوب.
والغريب أن من جملة إعتراضاته وسخطه علي تمديد التصويت إلي يوم ثالث في الوقت الذي تم تمديد عمل الشهر العقاري وفتحه في يوم جمعه وهي أجازة رسمية ,علما بأن هذا القرار قد كلف الدولة حوالي عشرين مليون جنيه وكان هدية من قبل وزير العدل لصباحي لإستكمال التوكيلات اللازمة لتقدمه للترشيح بعد أن تعثر في جمع هذه التوكيلات حتي آخر يوم.
أعود لأنفصام الشخصية التي أعترت حمادين صباحي بعد هزيمته الثقيلة في أنزه إنتخابات شهدتها مصر عبر عقود طويلة , كان صباحي يخطب وكأنه هو الفائز وكانت "الشلة" تصفق له وكأنه البطل المغوار الذي حاز علي ثقة الشعب وحبه , هذا من ناحية ومن ناحية أخري تقمص صباحي شخصية عبد الناصر مع الفارق طبعا وهو فارق جوهري إذ كان الشعب يحب عبد الناصر ويدعمه سياسيا ولكن صباحي لم يلق تأيدا أو دعما من الشعب في هذه الإنتخابات وألحق به هزيمة ثقيلة ستظل "بعبعلا" له يؤورق جفنيه مدي حياته.
هناك أمر آخر بالغ الأهمية ويدل علي تخبط حمادين صباحي وتناقض صريح في أقواله ومواقفه , هو يأخذ مقولة الزعيم عبد الناصر الذي قال فيها أن الشعب هو القائد والمعلم , هذا ما كان يردده صباحي كأسوة لعبد الناصر ولكن الهزيمة المروعة التي مني بها جعلته ينسي ما كان يردده ولم يحترم هذا القائد والمعلم عندما لم تأتي نتيجة الإنتخابات إليه وذهبت إلي المنافس الآخر وبطوفان من الأصوات , هنا بدأ يتشكك في نزاهة الإنتخابات رغم تأكيد كافة البعثات والجمعيات التي راقبت تلك الإنتخابات علي نزاهتها وشفافيتها.
وفي لحظة إستفاقة أقر حمادين صباحي بقبول النتيجة رغم ما شابها من تدخل وإنتهاكات وطرد لمندوبيه وعدم حياد أجهزة الأعلام علي حد قوله طبعا.
وأخيرا أقول بكل صراحة أن حمادين صباحي لم يكن حصيفا أو سياسيا محنكا ولو كان كذلك لتقدم بالتهنئة للمرشح الفائز وتمني له التوفيق كما فعل الفريق أحمد شفيق عندما خسر الإنتخابت عام 2012 بفعل التزوير الفاضح والتواطيء من المجلس العسكري ومن لجنة الإنتخابات الرئاسية برئاسة المستشار فاروق سلطان , رغم ذلك تقدم أحمد شفيق بتهنئة محمد مرسي , هذه أخلاق وثقافة الفرسان , هناك فرق.
