بحث داخل المدونة

الجمعة، 5 سبتمبر 2014

دراسة: علاقات الأم الاجتماعية الفاشلة ميراث ينتقل للابنة

 ذكرت إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة أمريكية أن الأم إذا كانت في المعتاد فاشلة اجتماعيا، وغير قادرة على إقامة علاقات سوية مع الأشخاص من حولها،


فإن ذلك قد يتحول إلى إرث ينتقل منها إلى ابنتها المراهقة، فتصبح بدورها فاشلة اجتماعيا، ولا تنعم بعلاقات طيبة مع المحيطين بها.

وجدت الدراسة أن هناك علاقة بين فشل الأبناء المراهقين في تكوين علاقات صداقة ناجحة، وافتقارهم للشعبية والحب بين أقرانهم، وبين فشل الوالدين أنفسهم في ذلك.

السبب في ذلك هو تأثر المراهقين بشكل كبير بوالديهم، وخاصة الأم، حتى وإن بدا في الظاهر أن هناك حالة من التوتر والندية في العلاقة بينهما. فحتى لو أصرت الفتاة المراهقة على تحدي والدتها دوما، وإظهار رغبتها الدائمة في الاستقلال عنها واتخاذ قراراتها بشكل منفرد، فإنها في داخلها تشعر وبشكل لا إرادي بالعكس تماما!

فالفتاة حتى ولو لم تكن على وفاق مع والدتها معظم الوقت، فإنها ما زالت تعتبرها في قرارة نفسها قدوتها ومثلها الأعلى الذي تقتدي به، والشخصية التي تأمل أن تصبح مثلها في قراراتها وأسلوب حياتها وميولها عندما تكبر وتدخل عالم المرأة رسميا.

وبالتالي، فإذا كانت الأم تتعامل دوما بعصبية وعنف مع صديقاتها وتتشاجر معهن لأتفه الأسباب، ولا تقف بجوارهن في أزماتهن، ولا تحفظ أسراراهن، ولا تحرص على مصالحة إحداهن إذا غضبت منها، فالابنة المراهقة ستعتقد أن هذه هي الطريقة التي من المفترض أن تعامل بها صديقاتها، وستقلد تصرفات والدتها، وعندها ستصبح فاشلة اجتماعيا، وستخسر صديقاتها الحاليات، مع مرورها بصعوبة في اكتساب صداقات جديدة بعد ذلك، لتعاملها بأنانية وعنف واستخفاف مع الآخرين.

وينطبق نفس الكلام على العلاقات مع الزملاء والجيران، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى فشل اجتماعي كامل، فتصبح الابنة منبوذة، يرفض الآخرون التواصل معها.

اعتمدت الدراسة المذكورة، التي قام بها باحثون في علم النفس البشرية، على بحث تطور علاقات الصداقة والزمالة مع الأقران لدى المراهقين، ووجد أن من يعانون من مشاكل كبيرة في تكوين علاقات اجتماعية سليمة وطبيعية مع أقرانهم في واقع الأمر يقلدون التصرفات السلبية التي تقوم بها الأم مع معارفها وجيرانها وأصدقائها في المعتاد.

وقال الباحث المسئول عن الدراسة: "إذا كانت الأم دائما ما تدخل في صراعات وخلافات مع أصدقائها والمحيطين بها، ولا تتعامل معهم بشكل لائق، فإن الأبناء -من واقع نظرهم إلى الأم كمثل أعلى وقدوة- يعتقدون أن هذه هي الطريقة المثلى في التعامل مع الأصدقاء والمعارف، وأن هذه السلوكيات عادية ومقبولة بين الأقران. ومع المرور بالفشل الاجتماعي المحتم نتيجة لمثل هذه السلوكيات المرفوضة، وعدم استيعاب المراهق للسبب الحقيقي في الفشل، فقد يؤدي ذلك لإصابة العديد من المراهقين بالتوتر العصبي والاكتئاب"

الأدهى من ذلك، أن من بين الأمور التي توصلت لها الدراسة، أن السلوكيات الخاطئة التي قد يتبعها المراهقون في التعامل مع الأصدقاء والمعارف -تقليدا لسلوكيات الأم السلبية- قد تصبح هي أيضا السلوكيات التي يتعامل بها الأبناء مع الأم نفسها، فيصبح هناك حالة من العصبية والعراك المتواصل وعدم الاحترام من جانب الأبناء المراهقين نحو أمهم، التي علمتهم في الأصل كيف يتصرفون بهذه الطريقة!

وفي هذه النتائج العلمية جرس إنذار كبير، يدق لتنبيه الأمهات إلى ضرورة الظهور بصورة لائقة وواعية أمام الأبناء، ويدعوهن إلى بذل مجهود أكبر في علاقاتهن الاجتماعية، وإلى اتباع سلوكيات لائقة ومهذبة عند التعامل مع الآخرين، لأن عيون الأبناء تراقب وترصد، وعقولهم تخزن البيانات، ثم يبدأون في تقليد كل ما حدث أمامهم في علاقاتهم مع الآخرين.